القاهرة | هي محاولة لاستدعاء المشهد السوري إلى مصر عبر «إرهاب أسود» يُخشى تحوله إلى حرب أهلية. هي باختصار رؤية خبراء الأمن المصريين لما جرى في القاهرة أمس، في سياق تحليلهم للوضع القائم من وجهة نظر استخبارية وسياسية. وقال مساعد وزير الداخلية السابق اللواء محمد نور الدين لـ«الأخبار» إن التشديدات الأمنية التي فرضتها وزارة الداخلية في محيط المقر الرئيسي لمديرية أمن القاهرة القابعة في منطقة السيدة زينب قللت من حجم الخسائر التي تعرض لها المبنى الامني، لافتاً إلى أن السيارة المفخخة التي استهدفت المديرية تركت حفرة عمقها 6 أمتار تحت الأرض، ما يدل على قوة المتفجرات التي كانت موجودة في السيارة.
وأضاف أن نسبة خسائر وزارة الداخلية المبدئية بلغت 107 ملايين جنيه، مشيراً إلى أن «الطبقات الإدارية الأربعة في المبنى الأمني تأثرت بنسبة 40% فقط، وسبب ذلك هو الكتل الخرسانية التي وضعتها وزارة الداخلية في محيط المديرية». وقال نور الدين إن «خسائر المتحف الإسلامى الذي يبعد عن المديرية مسافة 2 متر فقط في الواجهة الشرقية له، كانت أفدح بكثير بسبب تحطم بعض التماثيل والأعمال الإسلامية التي يقتنيها المتحف المنشأ عام 1856، وهو ما لا يمكن تقديره بثمن».
بدوره، أكد الخبير الأمني العقيد هاني شكري، أن «محاربة الإرهاب الأسود في مصر قائمة، لكن ما يزيد المشهد صعوبة هو العمليات الفردية للانتحاريين أو السيارات المفخخة التي تستهدف قطاعاً أو مبنى أو مؤسسة بعينها؛ إذ يسهل التحكم بهذه السيارات من قبل الإرهابيين، فيما يستحيل وضع كل السيارات في مصر تحت المراقبة من قبل أجهزة الدولة».ونبّه شكري في حديث لـ«الأخبار» إلى أن «الحرب غير النظامية يمكن أن تتحول إلى حرب أهلية، وهنا تفقد المؤسسة الأمنية السيطرة على الأحداث، ما يضطرها إلى دفع مجموعات قتالية من الجيش المصري في محاولة منها لمواجهة هذه العمليات التخريبية، وهنا تقفز إلى الذهن مباشرةً صورة المشهد السوري الذي يسعى الإرهابيون والتنظيم الدولي لجماعة الإخوان والدول الموالية والمتحالفة معهم إلى تكريسه في مصر من أجل سهولة التدخل فيها والحفاظ على المصالح الغربية في المنطقة».
من جانبه، قال الخبير الاستراتيجي اللواء نبيل شكري إن «مخططات «الإخوان» المدعومة من الخارج مرصودة، والدليل وصول معلومات من رجال مصر في تركيا عن اجتماع عُقد في قبرص منذ خمسة أيام ضم مسؤولين أمنيين من الولايات المتحدة الأميركية، ومسؤول في المخابرات البريطانية، ومندوب عن حلف شمالي الأطلسي «الناتو»، للوقوف على مستجدات التعامل مع الأجندة المصرية والإسراع في استدعاء المشهد السوري من خلال استخدام عناصرهم الخاصة بعد أن فشل الإخوان في تنفيذ مخطط الفوضى الذى كان مرسوماً لإطاحة الجيش والشرطة».
اللواء محسن حفظي، مساعد وزير الداخلية الأسبق، أشار إلى أن «حمولة المتفجرات التي كانت في السيارة التي فُجّرت اليوم (الجمعة) بلغت نصف طن، وأن الداخلية تمكنت من خلال بحث كاميرا المتحف الإسلامي من الوصول إلى معلومات، أهمها أن العملية التخريبية جرت بواسطة سيارة مفخخة، وليس بالأسلوب الانتحاري، وأن السيارة كانت موديل «لانسر»، وأن جهاز الأمن الوطني يسابق الزمن لمعرفة المسؤولين عن هذه الحادثة مع وضع 57 في قائمة المطلوبين والقبض على مجموعة منهم لمعرفة الرأس المدبر لهذه العملية». وأضاف: «من الصعب التكهن بتوقيت إنهاء العمليات التخريبية التي تشهدها مصر، لكن الواقع أن المصريين يرفضون مثل هذه العمليات ويساعدون الأجهزة الأمنية في التصدي لمثل هذه الوقائع التخريبية، وهو ما يغير موازين الاتجاه الغربي للتدخل في مصر بغض النظر عن مصلحة هذا الغرب؛ فهو أمام شعب عنيد مؤيد للمبادئ الوطنية».