«الهتافات بس اللي فضلت من الثورة» هكذا لخّص الناشط السياسي عضو حزب الدستور عبد الرحمن الروبيشي، 29 سنة، حال كثير من الشباب الذين حملوا الثورة على أكتافهم، وأرواحهم على أكفهم لأجل أحلام عريضة لخصوها في هتافهم يومي 25 يناير و28 يناير «عيش..حرية..عدالة اجتماعية...كرامة إنسانية». لكن الآن وبعد مرور ثلاث سنوات على الثورة يفكر الروبيشي، في الهجرة أو السفر الى الخارج كحال مئات الشباب، بعدما كان رافضاً لهذا الأمر قبل أربع سنوات، حينما بدأ أولى خطواته موقّعاً بيان الجمعية الوطنية للتغيير، ومنخرطاً في النشاط النضالي ليُقسّم وقته ما بين عمله والسعي إلى تحقيق أحلامه وأحلام أصدقائه. أحلام يلخصها في حديثه لـ «الأخبار»، قائلاً إن على«الداخلية ان تبطل هدر كرامة المواطنين وتبطل الظلم «اللي بتمارسه» على حياة المواطن كل يوم، عدم الشعور بالقهر، توقف الفساد ويكون فيه عدل والناس تأكل عيشها بحرية، وأننا نقضي على مشروع توريث الحكم لجمال مبارك». لكن كل هذا «تبدد» ولم يبق له أثر، فحتى عدم توريث جمال مبارك، كان الهدف منه التخلص من «السيستم» الذي ينتج هذا الفساد والظلم، «لكننا اكتشفنا أن هذا النظام لم يذهب نهائياً وفقط ذهب رأسه، لكنه مستمر واستطاع إنتاج نفسه مرة أخرى على نحو أقوى».

ورغم أن الروبيشي وغيره من الشباب لم يكن لديهم أي سلاح غير الهتافات في الوقفات والتظاهرات وتوزيع المنشورات والملصقات على الحوائط وتنظيم فاعليات تضامنية، إلا أنهم نجحوا في مباغتة النظام وحشد الجماهير ضده، «فالسر كان في الاتحاد والاتفاق على مطالب محددة، والرغبة في التغيير عند الشباب»، لكن هذا السبب نفسه وهذا السلاح الذي كان مصدر قوة، باغته كما غيره، في الاتجاه العكس، «فالتشرذم والجري وراء المكاسب من قيادات أعضاء الجمعية الوطنية للتغيير وقيادات الإخوان المسلمين كانت من الأسباب الرئيسية لتفكك قوى الثورة، بعد ما كنا إيد واحدة في الميدان، وكان عندنا حلم واحد افتتنا والبداية كانت استفتاء مارس 2011». لكن رغم هذا ظل الحلم داخل الروبيشي، واستمر في طريقه بعد الاستفتاء مشاركاً في كل الفاعليات التي تسعى إلى تحقيق أهداف الثورة، «لحد ما اكتشفنا أن المجلس العسكري هو الثورة المضادة، وبيخون الثورة وبيتحالف مع الإسلاميين علشان يحقق ده، ورغم أنه كان في إشارات كتيرة بكده، خاصة في جمعة 29 تموز، التي هتف فيها السلفيون يا مشير أنت الأمير، إلا أن أحداث محمد محمود الأولى كانت النقطة الفارقة في تأكيد هذا التحالف لخيانة المجلس العسكري للثورة». لكن رغم هذه الإحباطات المتتالية كان الروبيشي متمسكاً بالأمل، فرغم عدم رغبته في اختيار مرشح الإخوان، في الرئاسة لكنه كغيره «عصر على نفسه ليمون» ليختاره أمام شفيق مرشح «الفلول»، ليستمر حاملاً شعلة أمل زادت بعد إقالة المشير طنطاوي والفريق سامي عنان، اللذين في رأيه هما المسؤولان عن كل ما جرى خلال العام ونصف العام الأول من الثورة. لكنه سرعان ما تلقى صدمة أخرى بالإعلان الدستوري لمرسي في تشرين الثاني 2012، ليتحول إلي معارض قوي، لجماعة الإخوان بشعوره بأن «الثورة يسرق آخر ما فيها»، رافعاً شعار «اليأس خيانة.. ومكملين»، ليكون بعد ذلك أحد مؤسسي حزب الدستور، آملا أن يكون محمد البرادعي حلم التغيير بالفعل، قبل أن يترك البرادعي الحزب، ليتلقى طعنة أخرى في أحلامه. يستمر به الحال حتى 30 حزيران مساهماً في إسقاط مرسي، آملا تحقيق، أحلامه التي تبددت يوماً بعد يوم، ليكتشف أن «تمرد والسيسي» تلاعبوا بالشباب كما تلاعب الإخوان بهم ووظفوهم.