البرد قارس في جنيف، صحافة المدينة السويسرية منشغلة بتشريعات تخص النقل العام، وبمقتل طفل على يد أمه خطأ، والفنون والمخاوف الاقتصادية التي لم يبدّدها مؤتمر دافوس. الخبر السوري تراجع الى الصفحات الداخلية، بعدما نال الصدارة يوم افتتاح «جنيف ٢». لا أحد يكترث لوجود تظاهرة امام «قصر الامم».
فالساحة هذه اعتادت وجود متظاهرين. منذ سنوات، نُصبت، ولا تزال، خيم لمنظمة «خلق» الإيرانية المعارضة. أمس، كانت الخيم على موعد مع انتقال صغير تزامن مع تظاهرة لمعارضين سوريين ردّاً على اعتصام مؤيدي النظام في مونترو الأربعاء الماضي. غنّوا ورقصوا وشتموا النظام وحزب الله وفلاديمير بوتين و«الأمة العربية». أتوا من مختلف أنحاء أوروبا، يقول من تحدثت «الأخبار» اليهم: من النمسا وفرنسا وسويسرا وألمانيا... بعضهم لم يزر بلاده منذ ثلاثين عاماً. احدهم يقول انه لم يدخل سوريا منذ ١٩٨٠ لانه من آل الأتاسي من حمص.
زميله من حلب. يقول انه لم يزر سوريا منذ سبعينيات القرن الماضي، «لأنني انتقدت حافظ الأسد». نسبة الأكراد مرتفعة بين المتظاهرين. يتحدث بعضهم عن تقاطع مصالح بين خصمهم الكردي، «حزب الاتحاد الديمقراطي»، وبين النظام.
يرفضون ان يكون الحزب المذكور، يمثل جزءاً كبيراً، ان لم يكن الجزء الأكبر، من أكراد سوريا. لكن عدداً من الأكراد السوريين المتظاهرين أمس يؤيدون قتال «حزب الاتحاد» ضد «جبهة النصرة» و«داعش». يقول احد منظمي التظاهرة: «نحن نرفض دخول اي قوى الى المناطق الكردية، لا الجيش الحر ولا التكفيريين». يوافقه بعض المتحلقين حوله. يهتمون بـ «فلش» علم كردي كبير في الساحة، مؤكدين انهم جزء من سوريا. خلف الشبان الأكراد، يقف شابان يحمل كل منهما علم المعارضة السورية. ينظر احدهما الى المئات الموجودين في الساحة ويقول: «نريد ان يعرف وفد الإئتلاف الذي يفاوض في الداخل ان الملايين الموجودة هنا تدعمه حتى تحقيق مطالب الشعب السوري». قال كلمة «ملايين» من دون ان يرف له جفن.