كشفت صحيفة «ديلي ميل» البريطانية عن تدريب السلاح الجوي الملكي (التابع للقوات المسلحة البريطانية) «بالسر» القوات الجوية السعودية للعام الرابع على التوالي، مشيرة إلى استمرار التعاون العسكري بين لندن والرياض على رغم المجازر التي ترتكبها الأخيرة في اليمن.ووفق تقرير نشرته الصحيفة، أمس، شارك 111 عنصراً من القوات الجوية البريطانية في عمليات «تدريب وتوفير الدعم الهندسي» للقوات الجوية الملكية السعودية، منذ 2015، وذلك في إطار برنامج «سرّي» مشترك بين شركة BAE Systems والرياض. من ضمن هذه العناصر، 21 عنصراً وصل إلى السعودية خلال الأشهر الخمسة الأولى من العام الحالي، في حين تمّ إرسال 34 عنصراً في 2015، و30 عنصراً في 2016، و26 عنصراً خلال العام الماضي.
وهذه ليست المرة الأولى التي تنشر فيها تقارير حول التعاون العسكري بين الرياض ولندن، لا سيما منذ بدء العدوان بقيادة السعودية على اليمن في 2015. وفي هذا الإطار، قالت «حملة مناهضة تجارة الأسلحة» المعروفة اختصاراً بـCAAT، إن بريطانيا باعت خلال العقود الماضية أسلحة تقدر قيمتها بعشرات المليارات من الجنيهات الإسترلينية للسعودية، وإن أكثر من 80 شركة بريطانية حصلت على رخص تصدير لهذا السلاح، وعلى رأسها شركة BAE، وهي ثالث أكبر شركة منتجة للأسلحة في العالم، وهي التي تعاقدت مع السعودية في صفقتي «اليمامة» و«السلام» الشهيرتين اللتين تجاوزت قيمتهما المئة مليار جنيه إسترليني، وخضعتا لتحقيقات عقب اتهامات بوجود رشىً وفساد.
وإضافة إلى برامج التدريب، كشفت «ديلي ميل» عن وجود مستشارين عسكريين بريطانيين رفيعي المستوى في غرفة العمليات العسكرية التابعة للتحالف، في حين يقدّم ضباط بريطانيون الدعم اللوجستي للجانب السعودي، لا سيما في ما يخص ضرب أهداف محددة بدقّة. ونقلت الصحيفة عن مصادر سعودية تأكيدها امتلاك لندن لـ«قائمة الأهداف».
شارك 111 عنصراً بريطانياً في عمليات التدريب


ولم تنف وزارة الدفاع التعاون العسكري السعودي - البريطاني، مؤكدة على لسان ناطق باسمها أن «هناك تعاوناً مشتركاً مستمراً وعلى نطاق واسع في مجال الدفاع، ويشمل تقديم الجانب البريطاني دورات تدريبية والمشورة والتوجيه للجانب السعودي». وشددت الوزارة على أن عناصرها الموجودة في السعودية «تعمل تحت قيادة بريطانيا وسيطرتها»، في وقت نفت BAE أي تورط في العمليات العسكرية المستمرة في اليمن.
وجاء التقرير بعد شهرين من تقرير نشرته صحيفة «ذي غارديان» البريطانية كشفت فيه سعي PricewaterhouseCoopers، وهي كبرى الشركات الاستشارات والمحاسبة في بريطانيا، لإبرام عقد ضخم للمساعدة في تحديث الجيش السعودي. وفي حين رفضت الشركة التعليق أكثر على المحادثات التي تجرى بين الجانبين، أشار التقرير إلى أن المفاوضات من شأنها التوصل إلى صفقة تصل قيمتها إلى ملايين الدولارات.
ولا يعتبر الدعم البريطاني للقوات السعودية بالأمر الجديد، فقد تحدثت تقارير سابقة عن وجود ضباط بريطانيين يعملون على تدريب القوات السعودية على استخدام الصواريخ الموجهة ومكافحتها. وكانت قد كشفت صور نشرتها صفحة «فيسبوك» الخاصة بالفيلق الثاني من الفوج الملكي الاسكتلندي، المعروفة باسم 2 Scots، العام الماضي، عن تدريبات يقدمها الجيش البريطاني للقوات السعودية في عدوانها على اليمن.
وعلى رغم سحب وزارة الدفاع الصور من على الإنترنت، كشفت تحقيقات صحافية قيام خمسين عسكرياً بريطانياً من الفيلق الثاني بتقديم التدريب العسكري في تقنيات «الحرب غير النظامية» لضباط من المعهد الملكي السعودي لقوات المشاة البرية. وشملت تلك التدريبات دورات حول كيفية توجيه الأهداف واستخدام الرادارات الكاشفة للأسلحة وصواريخ كروز وغيرها.
وفي هذا الإطار، وقّعت بريطانيا والسعودية، في آذار الماضي، اتفاقية تعاون على الصعيد العسكري مثيرة للجدل بقيمة 100 مليون جنيه إسترليني، في وقت تواصل لندن صادراتها من السلاح إلى المملكة.
وتُعدُّ السعودية أكبر زبون لبريطانيا في سوق تجارة السلاح، إذ وافقت لندن على تصدير أسلحة بما يفوق 3 مليارات جنيه إسترليني (3.87 مليارات دولار)، بما فيها طائرات مقاتلة وعمودية وطائرات من دون طيار بقيمة 2.2 مليار جنيه إسترليني، وذخائر وصواريخ وقنابل بقيمة 1.1 مليار جنيه، وعربات مدرعة ودبابات بقيمة 430 مليون جنيه، إلى الرياض بين 2015 و2017 فقط، أي بالتزامن مع بدء العدوان على اليمن.
وكانت المحكمة العليا البريطانية قد قضت بـ«شرعية» تصدير الأسلحة إلى السعودية، ضاربةً عرض الحائط بعشرات التقارير الصادرة عن الأمم المتحدة والمنظمات الحقوقية التي تؤكد ارتكاب الرياض جرائم حرب في اليمن، مستخدمةً السلاح البريطاني.