ارتفعت الخسائر البشرية، أمس، إثر فيضانات اجتاحت عدداً من المناطق في تونس، خلال اليومين الماضيين، حسب آخر المعطيات الرسمية، إلى مصرع 6 أشخاص ومفقود. وتسببت الأمطار، في معظم شمال تونس ووسطها، وبعض المناطق في الجنوب، مساء الأربعاء وصباح أول من أمس، بانهيار 5 جسور، وإغلاق 42 طريقاً، من بينها 9 طرق أساسية تربط مختلف مناطق البلاد، وتوقف خدمات شبكات المترو والقطار في ضواحي العاصمة، وخروج جزء كبير من أسطول حافلات النقل العمومي عن الخدمة، ما أدى إلى تعليق الدراسة في المدارس والجامعات في عدد من المحافظات المتضررة.
برزت اتهامات بالفساد طاولت مقاولين تولّوا إنجاز مشاريع بنى تحتية

وعلى رغم أنها لم تكن المرة الأولى التي تشهد فيها تونس فيضانات كبيرة، لكن فداحة الأضرار واتساع رقعتها، أضفيا على الأخيرة طابعاً استثنائياً، رغم تبرير الجهات الرسمية عجز البنية التحتية عن استيعاب كميات المياه، بأن هطول الأمطار الغزيرة حصل خلال مدة وجيزة، لكن ذلك لم يقنع المتضررين، الذين وجهوا، أمس، اتهامات بالفساد، إلى المقاولين الذين تولوا إنجاز هذه المشاريع، في وسائل الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي في تونس، ونشروا صوراً لجسور وطرقات منهارة، لم تصمد أمام الأمطار، رغم حداثة تشييدها.
لا تأتي دهشة التونسيين من هشاشة البنى التحتية، التي كشفتها الفيضانات، فحسب، بل من حقيقة مؤسفة تفتحت أعينهم عليها إثر الفيضانات الأخيرة، تشي بأن أغلب برامج البنى التحتية لم تتجاوز الورق. إذ إن إجمالي معدل إنجاز المشاريع المبرمجة، ووفق الأرقام الرسمية، لم يتجاوز الـ 50% خلال الأعوام السبعة الماضية، علماً بأن الحكومة اتجهت خلال الأعوام الأخيرة إلى تخصيص أغلب ميزانية التنمية، التي تبلغ حوالى 1.8 مليار دولار، لمخططات البنى التحتية، التي تلقى أهمية خاصة في السياق التونسي الحالي، دأبها دأب الحكومات المتعاقبة منذ سقوط نظام بن علي، والتي روجت لسردية مفادها أن الدولة تتخلى عن الإستثمار المباشر في مشاريع تشغيلية لمصلحة برامج إنشائية، تشمل مد الطرقات، لتعزيز ربط سواحل البلاد بدواخلها، بهدف جلب مزيد من الاستثمارات الخاصة وتنويع خريطة توزيعها.