عند الثامنة من مساء اليوم، يحلّ الرئيس المكلّف، عادل عبد المهدي، ضيفاً مُنتظَراً على البرلمان العراقي، ليقدّم برنامج حكومته، ومن ثم «كابينته» الوزارية، التي لم ينتهِ من تأليفها حتى ساعات ليل الثلاثاء ـــ الأربعاء. يُسجَّل لعبد المهدي استباقه المهلة الدستورية الممنوحة له (30 يوماً تنتهي نهاية الشهر الجاري)، لكن ما يؤخذ عليه ـــ في الوقت عينه ـــ عجزه عن تثبيت خطّ تفاوضي واضح المعالم؛ وهو ما تجلّى في التغييرات الكثيرة والمتسارعة التي كانت تطرأ على خريطة توزيع الحقائب الوزارية.اليوم، يواجه عبد المهدي استحقاق «منح الثقة». ولئن وُصفت عملية تسمية الرجل بـ«الدراماتيكية»، فإن عملية منح الثقة يبدو أنها ستكون كذلك أيضاً، في ظلّ وجود توجّه نيابي يدعو إلى جعل التصويت سرياً. إذ قُدِّمت، إلى رئاسة البرلمان، عريضة موقَّعة من 120 نائباً، تطلب أن يكون «التصويت على التشكيلة الحكومية سرياً». وعليه، فإن الرئيس المكلّف ـــ بمعزل عن شكل حكومته وتوزيع حقائبها ـــ سيكون أمام احتمال حجب الثقة عن حكومته، أو تأجيل ولادتها.
يأخذ الموقّعون على العريضة، وهم من اتجاهات مختلفة، على عبد المهدي منعه أيّ نائب من تولّي منصب وزاري في الحكومة. واللافت أن من بين الموقّعين نوّاباً من «الفتح»، كالبرلماني حامد الموسوي الذي رأى أن «الحراك بادرة رفض لتلك الحكومة». وانطلاقاً من ذلك، يتوقع سياسيون ألّا يشهد اليوم ولادة الحكومة. وفي هذا السياق، يقول عضو «تحالف البناء»، النائب عن «ائتلاف قلعة الجماهير الوطنية»، قتيبة الجبوري، لـ«الأخبار»، إن «المناخ العام يشي بأن عبد المهدي لن ينال ثقة البرلمان»، متسائلاً: «كيف لنا أن نمنح الثقة ولم يُقدَّم لنا أيّ برنامج حكومي أو سيرة ذاتية لأعضاء الكابينة». ويعلّل توقيعه «العريضة» بأن «هذه الكابينة لم تحظَ بقناعتنا كنواب».
يؤخذ على عبد المهدي عجزه عن تثبيت خطّ تفاوضي واضح


وبحسب المادة 76 (الفقرة الرابعة) من الدستور العراقي، فإن «رئيس مجلس الوزراء المكلّف يعرض أسماء أعضاء وزارته والمنهاج الوزاري على مجلس النواب، ويُعدّ حائزاً ثقته عند الموافقة على الوزراء منفردين والمنهاج الوزاري بالأغلبية المطلقة»، أي بموافقة ثلثَي الحاضرين، على أن يكون نصاب الجلسة من 220 نائباً. ومن هنا، يمكن القول إن الجلسة ستتخذ أحد مسارَين، بناءً على ما إذا كان التصويت سرياً أو علنياً. في حالة التصويت السري، تُجمع مصادر تحالفَي «البناء» و«الإصلاح»، في حديثها إلى «الأخبار»، على أن مضيّ رئيس البرلمان في هذا الخيار قد يؤدّي إلى حجب الثقة عن الحكومة، لأن الموقّعين على العريضة، إضافة إلى غيرهم من النواب، سيكون لهم رأي يخالف توجّهات كتلهم السياسية الداعمة لحكومة عبد المهدي، بل يمكن أن يذهبوا نحو خيار «لا ثقة». ووفقاً لمصادر «الفتح»، فإن ضغوطاً تمارَس على رئيس البرلمان كي لا تُناقَش العريضة، ومن أجل التمسك بالتصويت العلني، وبالتالي ـــ في هذه الحالة ـــ سيكون من الصعب على النواب مناقضة قرار كتلهم. لكن يعتقد محللون أن هذه الضغوط قد تولّد ردّ فعل عكسياً، بقيام المعترضين بعرقلة اكتمال النصاب، ما سيدفع إلى تأجيل الجلسة.
مشهد ضبابي إذاً سيطر على ديناميات التأليف الحكومي خلال الساعات الماضية، فاتحاً الباب على سيناريوات عدة، لا ترى مصادر «سائرون» أن فشل ولادة الحكومة سيكون من بينها، معربة في حديث إلى «الأخبار» عن اطمئنانها إلى أن الحكومة ستبصر النور اليوم. توقّع لا يبدو ـــ على رغم ما بدا أمس أنها عقبات في طريق نجاح الجلسة ـــ مُستبعداً بالمطلق، بالنظر إلى أن ربع الساعة الأخير يؤدي دائماً دوراً حاسماً في الاستحقاقات السياسية في بلاد الرافدين.