مع ساعات الفجر الأولى، استطاع الرئيس المكلّف عادل عبد المهدي تمرير جزءٍ من «كابينته» الوزارية. اتصالاتٌ ولقاءاتٌ مكثّفة ناهزت الساعات الثلاث، أفضت إلى منح «الثقة» لـ14 وزيراً فقط من أصل 21، الأمر الذي أثار حفيظة «تحالف البناء»، إثر ضغوطات تحالف «سائرون» لاستبعاد عددٍ من مرشحيه لأسبابٍ شتّى، وأبرزهم فالح الفيّاض (الداخلية) وحسن الربيعي (الثقافة) وقصي سهيل (التعليم العالي).عبد المهدي لم يقدّم «كابينة» كاملة، إذ بلغت تشكيلته 22 حقيبة، باستثناء حقيبة الهجرة والمهجرين التي بقيت شاغرة، رغم تأكيد «الحزب الديموقراطي الكردستاني» أن «الهجرة استحقاقنا، وفيان دخيل لم تكن مرشحة أساساً، لأننا نرشّح محافظ أربيل». وفيما توزّعت حقائب «المكوّن الشيعي» السياديّة (الخارجية، الداخلية، النفط) على مرشحين «مستقلين» (إثر تنازل كتل «سائرون» و«بدر» و«الحكمة» عن حقائبهم)، نالت كتلة «الوطنية» حقيبة الدفاع (المكوّن السُنّي)، فيما ظفر «الديموقراطي الكردستاني» بحقيبة المالية. وتوزّعت الحقائب على سبعة مستقلين، وواحدة لـ«ائتلاف النصر» (حيدر العبادي)، وأخرى إلى «ائتلاف دولة القانون» (نوري المالكي). وفي وقتٍ نال فيه «تحالف الفتح» ثلاث حقائب، نال «المكوّن السُنّي» 6 حقائب، خمسةٌ منها ذهبت لـ«سُنّة تحالف البناء». أما المكوّن الكردي، فكانت حصّته حقيبتين، وحصة الأقليّات حقيبة واحدة.
«المنهاج الحكومي» لرئيس الوزراء المكلف جاء «فضفاضاً»


«المنهاج الحكومي» (البيان الوزاري) لعبد المهدي جاء «فضفاضاً»، إذ حاكى في عناوينهِ برامج الحكومات السابقة، والداعية إلى بناء الدولة ومؤسساتها، والنزول عند حاجات المواطن وتلبيتها، التي كان أبرزها تعّهده بـ«تحسين الكهرباء خلال عام 2019». اللافت في البيان، كان إعلان إلغاء مناصب نوّاب رئيس الوزراء وإنهاء عمل المناصب الحكومية بالوكالة، والعمل على «ترشيق» الأمانة العامة لمجلس الوزراء، وتسهيل الإجراءات فيها، والتشديد على أعضاء البرلمان «تحمّل مسؤوليتهم في اختيار الأنسب من المرشحين لشغل الوزارات الحكومية».
تركيز عبد المهدي في كلمته على الدولة ومؤسساتها، جاء بمثابة إعلانٍ لإطلاق «ورشةٍ إصلاحية»، تطاول مختلف الإدارات الرسمية، بهدف «إنهاء الفوضى التشريعية (التي أثارت حفيظة رئيس البرلمان محمد الحلبوسي واعتراضه)، من خلال تصفية القوانين وغربلتها، حتى تكون للبلاد فلسفة تشريعية واحدة»، إضافةً إلى «العمل على إقرار قوانين خاصة بالوزارات، خلال الأشهر الثلاثة الأولى من عمر الحكومة». كذلك، كانت بارزة دعوته إلى «إنهاء الفوضى العامة، وانتشار السلاح والتدخلات الخارجية في شؤون الدولة»، ليشير إلى رفضه بـ«قبول الدولة العميقة»، ولهذا لفت إلى أنّه «لن يسافر خارج البلاد في المرحلة الأولى... بل سنكون ميدانيين»، على حدّ قوله.
وقبيل انعقاد جلسة منح «الثقة»، حثّ زعيم «التيّار الصدري» مقتدى الصدر، النوّاب على منح الثقة للمرشحين المستقلين في التشكيلة الحكومية، مشدّداً على «إعطاء الصوت للكفوء، والنزيه، والمستقل، والمتخصص». وحذّر ـــ في تغريدته على شبكة «تويتر» ــــ من «تقديم المصالح الخاصّة، على مصلحة العراق»، داعياً إيّاهم إلى «تجنّب المحاصصة الطائفية والعرقية، وجعل القرار عراقيّاً، لا أن يسلّم لما خلف الحدود». كذلك، تزامنت دعوات الصدر، مع إعلان «تحالف القرار» انسحابه من محادثات تشكيل الحكومة الاتحادية، لينتقل بذلك إلى صفوف «المعارضة» إلى جانب «تيّار الحكمة» و«حراك الجيل الجديد». وقال زعيم التحالف أسامة النجيفي، إن «الوزارات قد أعطيت إلى تكتّلٍ واحدٍ يمثّل الطائفة السنية»، واصفاً ذلك بـ«أحادي الجانب والوزارات، وقد ذهبت لممثلي المكون في تحالفٍ واحد».