صنعاء | تمضي الإمارات في محاولاتها استكمال السيطرة على منابع النفط والغاز في محافظة شبوة، منتقِلةً إلى مرحلة جديدة تشمل خطوات تنفيذية أكثر وضوحاً. حقائب جديدة من الأموال الإماراتية وصلت إلى عدن، ووُزّعت عبر قيادات من «المجلس الانتقالي الجنوبي» (الموالي لأبو ظبي) في جردان وبيحان وعسيلان، توازياً مع إعادة تفعيل سياسة احتواء القبائل الساكنة في المناطق الواقعة ما بين محافظتَي شبوة ومأرب، من خلال فتح أبواب التجنيد للمئات من أبنائها في إطار قوات «النخبة الشبوانية»، فضلاً عن تصدير ذريعة «القاعدة» إلى الواجهة من جديد.مساء الاثنين الماضي، انتشرت قوات «النخبة» في منطقة حرشفان بمديرية عسيلان، وعمدت إلى نصب نقاط تفتيش فيها، واستحداث معسكر تدريب دُعي أبناء عسيلان الى الالتحاق به، كخطوة أولى في طريق السيطرة على جميع مناطق المديرية النفطية. وترافق ذلك الانتشار مع اندلاع مواجهات بين قوات تابعة للرئيس المنتهية ولايته عبد ربه منصور هادي، والعشرات من المعتصمين من أبناء المحافظة في كلّ من منطقتَي العقلة والظاهر التابعتين لمديرية جردان. واندلعت المواجهات عقب قيام عشرات الشبان، الذين يُعتقد بوقوف الإمارات وراء تنظيمهم بالاعتصام بالقرب من خط أنبوب الغاز في الظاهر تحت ذريعة المطالبة بتجنيد 300 شاب من أبناء المنطقة، واحتجاز عدد من الناقلات التابعة لشركة الحثيلي المقرّبة من الجنرال علي محسن الأحمر، والتي تتولّى مهمة نقل النفط الخام من حقل «العقلة» النفطي إلى أنبوب عياذ.
وتصدّى المعتصمون، الذين تبيّن أنهم يمتلكون أسلحة خفيفة ومتوسطة، لمحاولات قوات حماية الشركات النفطية في حقل «العقلة» تحرير الناقلات المحتجزة. ونتج من ذلك إحراق طاقم عسكري وأسر جميع أفراده، وهو ما اعتُبر من قِبَل تلك القوات محاولة إماراتية لتفجير الأوضاع بالقرب من حقول النفط، وإعاقة الإنتاج في شركة «OMV» النمسوية. وقبل أن تُستدعى قوات إضافية لتحرير الجنود المحتجزين، تدخّلت وساطة قبلية بين الطرفين، وقضت بتسليم الطاقم وإطلاق سراح أفراده والإفراج عن ناقلات النفط المحتجزة.
وفي مديريات عرما ودهر والطلح، نُظّمت اعتصامات مماثلة بدعوى مطالبة الشركة النمسوية بمنح السكان المحليين مزيداً من الوظائف فيها، ونقل النفط بقاطرات المواطنين بدلاً من الاستعانة بشركة الحثيلي. تحركات رأت فيها مصادر قبلية محسوبة على حكومة هادي محاولة لإيجاد ذريعة جديدة، تتيح لقوات «النخبة الشبوانية» التوسع شمالاً في المحافظة، والسيطرة على حقول «العقلة» و«عياذ» و«جنة هنت» النفطية، ومنع تصدير النفط الخام منها.
تنشط الإمارات في أوساط القبائل المأربية المناهضة لـ«الإخوان المسلمين»


وصاحبت تلك التحركات عودة الإمارات إلى التلويح بورقة «القاعدة». يوم الاثنين الماضي أيضاً، أفيد عن انتشار عشرات العناصر المقنّعين في منطقة بيحان العليا شمال المحافظة. وزعمت وسائل إعلام تابعة لأبو ظبي أن «القاعدة» اقتحمت المنطقة على خلفية صراع اندلع بين قبيلتَي آل عبار وآل باشادي، وهو ما دفع أحد الطرفين إلى الاستنجاد بـ«القاعدة». لكن الصور التي تداولها ناشطون من المنطقة بيّنت حيازة المقتحِمين أسلحة خفيفة ومتوسطة وراجمات ومعدلات متوسطة العيار أميركية الصنع، مشابهة للأسلحة التي زوّدت بها الإمارات «النخبة الشبوانية». من هنا، بدت الإمارات كأنها تمهّد لحملة عسكرية جديدة تتخذ من «مكافحة الإرهاب» غطاءً لها، بعدما سيطرت على مديريات عدة في شبوة تحت الذريعة نفسها.
وإلى جانب الاستعانة بـ«فزّاعة القاعدة»، فعّلت الإمارات عمليات الاستقطاب القبلي، حيث عمدت الى ضخّ المزيد من الأموال عبر «المجلس الانتقالي» في شبوة، لشراء المزيد من الولاءات في نطاق المديريات المستهدفة، توازياً مع إطلاق وعود وقطع التزامات بتجنيد الشباب العاطلين من العمل. وكنتيجة لذلك، أقرّت قبائل نعمان، منتصف الأسبوع الجاري، بتشكيل قوة عسكرية من القبيلة لحماية أنابيب النفط والغاز، مُبرّرة قرارها بأن «أبناء المناطق التي تمرّ بها أنابيب النفط والغاز محرومون من مختلف الخدمات»، وأن «المشاريع مُحتكرة من قِبَل قادة الوحدات العسكرية التابعين للشمال، والذين يتقاضون ملايين الدولارات شهرياً». وأعلنت القبيلة، أيضاً، معارضتها الهدنة القبلية في المحافظة والتي رعاها اللواء أحمد مساعد حسين (أحد أبرز الشخصيات الاجتماعية المعارِضة لـ«التحالف» في شبوة)، معتبرة أنها «تخدم دولة قطر ولا تنسجم مع متطلبات شبوة».
من جانبها، دعت قبيلة الواحدي، التي تربطها مصالح مع أبو ظبي، أبناء القبيلة إلى الاتحاد للمطالبة بنصيبهم من الثروة النفطية والغازية، مُعلِنةً تأييدها تحركات قبيلة نعمان، واعتصامات أهالي الهضبة في جردان وأهالي المديريات الشرقية في العقلة.
وفي السياق نفسه، كشفت مصادر مطلعة، لـ«الأخبار»، أن قيادات موالية للإمارات زارت عدداً من قبائل مأرب المعارِضة لحزب «الإصلاح»، وتحديداً من قبائل عبيدة والأشراف ودهم، وذلك للاستعانة بها في وقف أي تعزيزات عسكرية قد يرسلها «الإصلاح» لمواجهة تمدد القوات الموالية للإمارات. ووفقاً للمصادر، فقد نشطت الإمارات في أوساط القبائل المأربية التي لا وجود لأي حاضنة شعبية لـ«الإصلاح» فيها، وعمدت إلى احتواء عدد منها كالدماشقة وآل جلال المناهضتَين لـ«الإخوان المسلمين».