القاهرة | قامت وزارة الداخلية المصرية على دور مختلف في الشارع هذه المرة، الوزارة نفسها التي تفرق التظاهرات بالقنابل المسيلة للدموع والخرطوش وتلاحق مدرعاتها الشباب وسط القاهرة عندما يقررون التظاهر معترضين على أي قرارات، وقَف ضباطها وجنودها يبيعون البطاطا والطماطم في عربات مجهزة بأسعار مخفضة عن السوق بأكثر من 50%، بعدما شهدت الأسعار خلال المدة الماضية ارتفاعاً غير مسبوق، جراء قلة المحصول وبعض المشكلات في جنيه هذا العام.هذه المرة، استخدمت الشرطة أدرعة الجنود ليس لحمايتهم من الحجارة، بل لتنظيم عملية الطوابير، وذلك بعد اكتظاظ المنافذ بالناس الذين اصطفوا للحصول على الخضراوات بأسعار أقل من الموجودة في السوق التجارية. ولم تنجح الوزارة في تنفيذ هذه الاستراتيجية سوى في مناطق متنوعة من القاهرة إضافة إلى مناطق محدودة من الإسكندرية. كما لم يقضِ الدور الجديد للضباط والجنود بتوزيع الخضار والفاكهة فقط، بل باتت «الداخلية» تنافس البائعين والتجار منافسة «غير عادلة»، إذ تصادر الشرطة أطنان البطاطا والطماطم المخزنة لدى كبار التجار لتلبية حاجات السوق، في تصرف يشبه ما فعلته إبّان أزمة نقص السكر التي دفعتها إلى الحصول على كميات السكر الموجودة والمخزنة لمصلحة مصانع الحلويات المختلفة.
وعملت الشرطة على «تطهير» مناطق كثيرة من الباعة الجوالين لتسهيل حركة السيارات، وأقامت خيماً وعدداً من المتاجر التابعة لها مباشرة، تحمل اسم «منافذ أمان»، في وقت يقيم الجيش منافذ خاصة به لكن في أماكن أخرى. وفي بعض المناطق، تتجاور منافذ الجيش والشرطة مقدمة المنتجات نفسها لكن بأسعار مختلفة. وأمس، وقف الجنود ينظمون طوابير النساء والرجال بوضع حواجز حديدية.
تتزامن هذه الخطوات مع إعلان وزارة الداخلية ضبط 9 قضايا تجميع وتخزين لسلعة البطاطا وحجبها عن التداول في الأسواق، بمضبوطات بلغت 1632 طناً، وذلك في حملات تموينية مبكرة استهدفت محافظات الغربية والدقهلية والبحيرة. وتقول الوزارة إن هذه الكميات كانت مجهزة من أجل التخزين في محاولة لتعطيش السوق وطرحها لاحقاً بأسعار مخفضة، لكن بعض أصحابها يقولون إنها كانت في طريقها إلى البيع لجهات عدة.
تتنوع منافذ البيع ما بين تابعة للشرطة وأخرى للجيش بأسعار مختلفة


والطريف أن من بين الكميات المضبوطة 80 طناً من البطاطا كانت موجودة في مخزن تابع لشركة فرز للحاصلات الزراعية، على رغم قانونية هذه الخطوة، فيما بدأ عدد من المحافظين التحرك لمواجهة مشكلة ارتفاع الأسعار، خصوصاً بعدما تسبب هذا الارتفاع في غضب لدى المواطنين، بل عجزت أجهزة الدولة عن التعامل بانتظام مع الوضع جراء زيادة الكميات المصدّرة وانخفاض الكميات المزروعة في الأراضي.
وتتوقع الحكومة انفراجاً في الأزمة نهاية الشهر المقبل على الأقل، خصوصاً مع العجز عن توفير حاجات السوق بالأسعار المعتادة، وسط مقترحات تدرسها وزارة الزراعة حالياً بسبب تفاجؤ مسؤولي الحكومة من انخفاض الكميات المزروعة عن العام الماضي، وذلك بعد الخسائر التي تعرض لها الفلاحون في العام نفسه نتيجة انخفاض سعر المحصول على نحو أثّر في العائد الخاص بهم. وتتهم الحكومة التجار بمحاولة خلق أزمة، ولذلك تطلب من المواطنين تجنب شراء كميات كبيرة وتخزينها، حتى انتهاء الأزمة.