ترتفع وتيرة التصعيد على الشريط الحدودي السوري ــــ التركي، شرق نهر الفرات، مع توسيع الجيش التركي عمليات القصف المدفعي لتشمل عدداً أكبر من المواقع التابعة لـ«قوات سوريا الديموقراطية» و«وحدات حماية الشعب» الكردية هناك. الأجواء على الحدود بين زور مغار (شرق جرابلس) ورأس العين، مروراً بعين العرب (كوباني) وتل أبيض، تعيد ذكريات ما جرى غرب نهر الفرات من تدخّل عسكري تركي، مع مراعاة اختلاف عدة ظروف محليّة وخارجية. وعلى رغم الأجواء الإيجابية ــــ المعلنة ــــ بين تركيا والولايات المتحدة الأميركية في شأن منبج، تحاول تركيا التأكيد على أن تفاهمات الطرفين يجب أن تشمل لاحقاً كامل حدودها الجنوبية مع الجانب السوري، منتشية باعتراف «رباعي» خرج عن قمة إسطنبول الأخيرة بضرورة «مقاومة الخطط الانفصالية التي تهدف إلى تقويض سيادة سوريا... وكذلك الأمن القومي للدول المجاورة».الضربات المدفعية التي استمرت أمس، أسفرت وفق الحصيلة التي أعلنتها وسائل إعلام تركية، عن مصرع 4 من عناصر «الوحدات» الكردية وإصابة 6 آخرين. وتركزت في محيط زور مغار وعين العرب وتل أبيض، قبل أن تمتد نحو مناطق غير ملاصقة للحدود مباشرة، مثل ناحية سلوك (10 كيلومترات عن الشريط الحدودي). وفي المقابل، أكدت «الوحدات» الكردية أنها ردّت على الاعتداءات بقصف مواقع عسكرية حدودية، ونشرت تسجيلات تظهر استهداف عربة تابعة للجيش التركي بصاروخ حراري. وتحدثت وسائل إعلام محلية تركية أن الجيش التركي أرسل تعزيزات إلى الولايات المحاذية للحدود مع الرقة، وبدأ تحضير بعض الفصائل العاملة تحت إمرته، لا سيما «أحرار الشرقية» التي تضم في صفوفها عدداً كبيراً من أبناء مناطق شرق الفرات. ومن جهتها أعلنت منظمة «أطباء بلا حدود» أنها ستوقف عملها الميداني في شمال شرقي سوريا، نهاية تشرين الثاني الجاري، بما يؤثر في نشاطها في عين العرب والطبقة ومخيم عين عيسى للنازحين، من دون أن يذكر بيان المنظمة إذا ما كانت خطوتها هذه مرتبطة بالتصعيد على الأرض. وكان اللافت خلال اليومين الماضيين، غياب تصريحات أميركية مباشرة عن هذا التصعيد، في مقابل بيان صادر عن «قسد» أمس، يشير إلى وقف العمليات العسكرية ضد «داعش» في محيط «جيب هجين» شرق دير الزور، على خلفية الاستفزاز التركي. ويذكّر هذا بوقف مماثل لعمليات «قسد» حين بدأ الجيش التركي عملية «غصن الزيتون» التي احتل فيها منطقة عفرين ومحيطها، قبل أن تعود الأمور إلى نصابها خلال وقت قصير، على رغم انكفاء الجانب الأميركي عن القيام بأي تحرّك فعلي لوقف «حليفه» التركي عن مهاجمة «حلفائه» من الأكراد السوريين.
اختار غوتيريس بيدرسون بعد مشاورات شملت الحكومة السورية


وعلى خلاف ما كان واقع الحال في منبج، فإن «الوحدات» الكردية لا تقدّم نفسها «جزءاً» فقط من كُلٍّ هو «قسد»، في مناطق شرق الفرات، بل تحتفظ بوجود معلن وواضح وتتمتع بنفوذ شبه تام في السلطات العسكرية والمدنية؛ ويحضر قادتها في الصف الأول لتنسيق العمليات مع الجانب الأميركي. ومن شأن هذا الواقع أن يفرض اختلافاً في التعاطي التركي كما الأميركي، ويضع احتمالات مختلفة لمسار تطور الأحداث هناك. ومن غير المرجح أن يذهب الجانب التركي إلى تصعيد عسكري واسع «لتأمين» شريط حدودي بالحد الأدنى، من دون أضواء خضراء عدة إقليمية ودولية، أو قبل أن يستنفذ خيارات التفاوض ــــ طويل المدة عادة ـــــ مع واشنطن، خصوصاً بوجود ملفات حساسة عدة تخوض فيها أنقرة، وتستخدمها لكسب نقاط في ميادين غير متقاطعة مباشرة. ولا ينتظر أن يغيب عن المشهد في الشمال والشرق السوريين، موقف دمشق وانفتاحها على الحوار مع القوى المسيطرة هناك، على رغم التعثر الذي شهدته جولات النقاش الأخيرة التي استضافتها العاصمة السورية، وعلى رغم فشل تجربة سابقة في تغيير مصير منطقة عفرين، بعد رفض «الوحدات» دخول الجيش السوري وغلق الباب أمام تدخّل تركيا.
وبينما تعِدُ تطورات شرق الفرات بتحوله إلى ساحة ساخنة بعد برود جبهات إدلب (نسبياً) في انتظار مسار «اللجنة الدستورية»، أبلغ الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريس، بشكل رسمي مجلس الأمن، أنه يرغب في تعيين الديبلوماسي النرويجي غير بيدرسون، في منصب المبعوث الخاص إلى سوريا، خلفاً لستيفان دي ميستورا، الذي سيغادر قبل نهاية الشهر الجاري. وعلى رغم أن بيدرسون يشغل حالياً منصب سفير بلاده في الصين، فقد سبق له أن عمل في الشرق الأوسط، حيث كان ممثلاً للنرويج لدى السلطة الفلسطينية بين عامي 1998 و2003، وعمل منسقاً خاصاً للأمم المتحدة في لبنان بين عامي 2007 و2008، بعد أن بقي الممثل الخاص لأمينها العام في جنوب لبنان بين عامي 2005 و2007. وأفاد غوتيريس في رسالة إلى المجلس بأن قراره جاء بعد «استشارات واسعة» شملت الحكومة السورية.