ما تسرّب عن موافقة الكونغرس الأميركي على ارسال أسلحة خفيفة لما سماها «القوى المعتدلة» في المعارضة السورية، حرّك الروتين السائد في يوميات جنيف، حيث سجّلت المفاوضات تراجعاً إضافياً تمثّل بانعقاد جلسة واحدة فقط بدل اثنتين. وقد يكون التزويد بالأسلحة بدأ منذ فترة بعد تعليقها، ما يتزامن، حينها، مع بدء الهجوم المنسق على مراكز «الدولة الإسلامية في العراق والشام» لإزاحتها عن المشهد الميداني السوري المعارض.

وقال مسؤولون أمنيون أميركيون وأوروبيون إنّ أسلحة خفيفة تتدفق من الولايات المتحدة لجماعات «معتدلة» من مقاتلي المعارضة السورية في جنوب البلاد، كما وافق الكونغرس على عمليات تمويل على مدى أشهر لإرسال مزيد من هذه الشحنات. وتضم الأسلحة التي ترسل عبر الأردن مجموعة مختلفة من الأسلحة الخفيفة بالإضافة إلى الصواريخ المضادة للدبابات. وأضاف المسؤولون أنها لا تشمل صواريخ أرض ــ جو المحمولة على الكتف.
ولفت مسؤولان أميركيان الى أنّ الشحنات تلك وافق الكونغرس على تمويلها خلال تصويت في جلسات مغلقة خلال نهاية السنة المالية الحكومية 2014، التي تنتهي في 30 أيلول المقبل.
ويتناقض هذا التدفق الثابت على ما يبدو للأسلحة مع الوضع الذي كان سائداً الصيف الماضي عندما توقفت المساعدات الأميركية بعد استيلاء مسلحين اسلاميين على مخازن الأسلحة التابعة لـ«الجيش الحر» في اعزاز شمال سوريا.
وقال مسؤول أميركي، على صلة بالتطورات الجديدة، إنّ مسؤولي الأمن القومي وأعضاء الكونغرس أصبحوا أكثر ثقة في أن الاسلحة المتجهة إلى جنوب سوريا ستصل وستظل في أيدي «المعارضين المعتدلين ولن تصل إلى فصائل جهادية متشددة».
وذكر مصدران مطلعان أنّ الكونغرس وافق على تمويل الأسلحة المرسلة إلى المعارضين السوريين من خلال أجزاء سرية في تشريع المخصصات الدفاعية. ولم يتضح متى تمت الموافقة على التمويل، لكن التمويلات الدفاعية السرية مررت في أواخر كانون الأول الماضي.
هذا التطور، أرخى بظلاله على المفاوضات الرتيبة اليومية بين وفدي الحكومة السورية و«الائتلاف» المعارض. إذ بعد جلسة مشتركة صباحية، جرى تعليق جلسات بعد الظهر حتى صباح اليوم، بعد اعلان الوسيط الدولي الأخضر الابراهيمي أن «أي تقدم لم يحصل».
وعرض الوفد المعارض تصوره لـ«المرحلة الانتقالية»، فيما طالب الوفد الرسمي بتبني قرار يدين واشنطن، متهماً إياها بـ«تسليح الإرهابيين»، على خلفية ما تسرب من الكونغرس.
وفي السياق، اتهم نائب وزير الخارجية السوري، فيصل المقداد، واشنطن، «بالسعي لإفشال مؤتمر جنيف»، واصفاً ما تقوم به واشنطن بأنه «أبشع شيء يقوم به وفد معني بالأزمة». واعتبر تسليح الولايات المتحدة للمعارضة المسلحة «هدية منها لمؤتمر جنيف 2، بغية افشال المؤتمر».
وكان الإبراهيمي قد صرّح، في مؤتمر صحافي أنّّ «هذه مفاوضات صعبة. لم تكن سهلة اليوم ولم تكن سهلة خلال الايام الماضية ولن تكون سهلة في الأيام المقبلة».
إلا أنّه أكد أن «لا أحد يغادر ولا أحد يهرب». وتابع أنّ «المعارضين قدموا تصورهم لكيفية تطبيق بيان جنيف واحد... بينما الحكومة لم تقدم تصورها بعد لذلك».
وأعلن وفد المعارضة، أمس، أنّه قدم خلال الجلسة المشتركة رؤيته «لسوريا القادمة، سوريا الجديدة، سوريا المدنية التعددية الديموقراطية (...)»، وكيفية «تطبيق هيئة الحكم الانتقالي بصلاحيات شاملة»، وأنّ وفد الحكومة «رفض مناقشة الموضوع».
في سياق آخر، قال المتحدث باسم «الائتلاف»، لؤي صافي، إنّ «مقاتلي الجيش الحر مستعدون لتخفيف الضغط عن قرى نبل والزهراء والفوعة»، في ريف حلب، لكنه أضاف أنّ حكومة لم توافق على رفع الحصار عن المدينة القديمة في حمص، الذي يعد حاسماً لنجاح أي اتفاق.
إلى ذلك، أكد وزير الخارجية الروسي، سيرغي لافروف، أنّ الغاية الأساسية من عقد «جنيف 2» هي ايقاف العنف وليست مناقشة مسألة رحيل الرئيس بشار الأسد. وأضاف، عقب اختتام قمة «روسيا – الاتحاد الأوروبي»: «نحن نعلن أنه لا يجوز التركيز على المطالب المبسطة، فمن السهل القول إن على الأسد الرحيل وسيستقر بذلك الوضع، ولكن نذكر ما حصل في يوغوسلافيا، حيث طالب الجميع برحيل ميلوشيفيتش، كما شاهدنا ما حصل في العراق والطريقة المماثلة ازاء صدام حسين، وكانت هناك ليبيا والقذافي، لقد رأينا إلى ماذا قادت كل هذه الأمور». وحذر الوزير الروسي من أنّه «اليوم نواجه إصراراً على فكرة مماثلة لتغيير النظام في سوريا لأن أحداً ما يكره الأسد شخصياً، ولكن هذا ليس تصرفاً لأشخاص بالغين».
(الأخبار، أ ف ب، رويترز)