بعدما طرح الإعلام الأميركي، أمس، «معادلة» تسليم الداعية فتح الله غولن لتركيا مقابل حدّ تركيا من ضغوطها على السعودية في قضية مقتل جمال خاشقجي، نفت وزارة الخارجية الأميركية وجود «علاقة» بين المسألتين، فيما استبعدت مصادر تركية أيضاً «إبرام» أيّ اتفاق مع الولايات المتحدة لتحجيم تحقيقها بشأن مقتل الصحافي السعودي، في وقتٍ لا تزال فيه تركيا غير مقتنعة بأحدث رواية سعودية عن مقتل خاشقجي.
«غولن مقابل خاشقجي»
بعيد تقرير لشبكة «إن بي سي» الأميركية، طرَحَ إمكانيّة وجود اتفاق بين واشنطن وأنقرة بشأن غولن، أعلنت الناطقة باسم وزارة الخارجية الأميركية، هيذر ناورت، أن بلادها تدرس طلبات تركيا لتسليم غولن الذي تتّهمه أنقرة بالتخطيط لمحاولة الانقلاب عام 2016، نافيةً ما ورد في تقرير الشبكة، عن أنّ البيت الأبيض يبحث عن طريقة لتسليم غولن مقابل تخفيف الضغط التركي على السعودية.
كانت «إن بي سي» قد نقلت عن أربعة مصادر لم تسمّها، قولها إن مسؤولين في الإدارة الأميركية سألوا وكالات إنفاذ القانون عن «السُّبل القانونية لإخراج» غولن (77 عاماً) من الولايات المتحدة، وذلك بهدف إقناع الرئيس التركي رجب طيب أردوغان «بتخفيف الضغط عن الحكومة السعودية». وأفادت تلك المصادر بأنّ إدارة دونالد ترامب وجّهت وزارة العدل ومكتب التحقيقات الفدرالي إلى إعادة فتح قضية تركيا التي تطالب من خلالها بتسليم غولن، وطلبت أيضاً من وزارة الأمن الداخلي معلومات عن وضعه القانوني. وقالت الشبكة إن أحد الخيارات التي تدرسها الإدارة، محاولة إجبار غولن على الانتقال إلى جنوب أفريقيا.
لكن ناورت أكّدت أن واشنطن تلقّت «عدة طلبات من الحكومة التركية تتعلّق بالسيد غولن»، مضيفةً أن الولايات المتحدة تواصل «تحليل العناصر التي تقدّمت بها الحكومة التركية من أجل دعم طلبها بتسليمه» لها. وشدّدت على أن «لا علاقة» بين قضية تسليم غولن والضغط التركي على السعودية بشأن مقتل خاشقجي في سفارة المملكة في إسطنبول، مؤكدةً أيضاً أن البيت الأبيض «لم يشارك في أي محادثات تتعلق بتسليم فتح الله غولن».

نفي تركي وأميركي
من جهته، أبلغ مسؤول في البيت الأبيض وكالة «رويترز» أن تقرير «إن بي سي» غير دقيق، لكنّه لم يخض في تفاصيل.
كذلك، قال المستشار الإعلامي لغولن، ألب أصلان دوغان، إنه ليس على علم بأيّ تحقيق أميركي جديد. في المقابل، امتنعت وزارة العدل ومكتب التحقيقات الفدرالي «أف بي آي» عن التعقيب، فيما قال مصدر مطلع على عمليات وزارة العدل لـ«رويترز» إنه ليس على علم بوجود تحقيق يتصل بغولن.
وبعد النفي الأميركي، استبعدت تركيا إبرام أي اتفاق مع الولايات المتحدة لتحجيم تحقيقها بشأن مقتل خاشقجي إذا طردت واشنطن رجل الدين فتح الله غولن، وفق ما نقلت وكالة «رويترز» عن مسؤول تركي كبير. ورأى المسؤول التركي أن «الموضوعان منفصلان»، مضيفاً أن تركيا «لم تعرض في أي وقت تحجيم التحقيق بشأن خاشقجي مقابل ترحيل غولن». وتابع أن «ليست لدينا نية التدخل في تحقيق خاشقجي مقابل أي مكسب سياسي أو قانوني».
تتزامن هذه التصريحات مع إعلان السعودية، أمس، أن عملية قتل خاشقجي نفذها «عناصر خارج إطار صلاحياتهم»، وطلبت الإعدام لخمسة موقوفين. في الأثناء، أعلنت الولايات المتحدة فرض عقوبات على 17 سعودياً على خلفية جريمة قتل خاشقجي. ويأتي ذلك في ظلّ وجود تضارب وتخبط في الروايتين السعودية والأميركية. وبرز هذا التناقض في إعفاء أحمد عسيري فقط - وهو من ضمن من برأتهم الرياض - من العقوبات الأميركية التي فُرضت على 17 شخصاً، بموجب قانون «ماغنيتسكي»، الذي يفرض عقوبات بسبب انتهاكات لحقوق الإنسان، من بينهم القنصل محمد العتيبي، وماهر المطرب.


توقيفات في إسطنبول بحقّ أساتذة جامعيين
اعتقلت الشرطة التركية، اليوم، عدّة أساتذة في جامعتين في إسطنبول، متهمين بأنهم على صلة بـ«معهد الأناضول الثقافي» الذي يرأسه الناشط الحقوقي المسجون عثمان كافالا. وأصدرت الشرطة مذكرات توقيف بحق 20 شخصاً في سياق تحقيقات جارية بشأن المعهد، وفق ما ذكرت وكالة «الأناضول»، مضيفةً أن 12 شخصاً أوقفوا في مداهمات متزامنة صباح اليوم.
حملة التوقيفات شملت الأستاذة بتول طنباي من جامعة «بوغازيتشي» المرموقة، والأستاذ تورغوت ترهانلي نائب عميد جامعة «بيلغي» الخاصة. وبين الموقوفين أيضاً المنتجة والصحافية تشيدم ماتر وأحد وجوه الحياة الثقافية والفنية في إسطنبول، أسينا غونال. القاسم المشترك بين الموقوفين أنهم ينتمون أو يرتبطون بـ«معهد الأناضول الثقافي»، وبينهم نائب رئيسه وأعضاء في مجلس إدارته.
بالنسبة إلى رئيس المعهد، عثمان كافالا، وهو رجل أعمال، فقد أوقف في مطار أتاتورك في إسطنبول في 18 تشرين الأول/أكتوبر 2017، وهو متهم بـ«محاولة قلب النظام الدستوري» و«إطاحة الحكومة». وقال محاميه إنّه متهم بالارتباط بمحاولة الانقلاب الفاشلة في تموز/يوليو 2016، وكذلك بتمويل التظاهرات المناهضة للحكومة عام 2013.