القاهرة | «لا لعسكرة الدولة»، ولا عودة أو لجوء لحكم العسكر مجدداً؛ هي عينة من المواقف التي نادت بها القوى المصرية المدنية إبان ثورة «25 يناير»، لكن ما إن تمنى المجلس العكسري على المشير عبد الفتاح السيسي الترشح لرئاسة البلاد، حتى تراجع الكثير من القوى عن مواقفها السابقة، بل وهللت للمشير ووصفته بأنه وحده القادر على إدارة مصر.
تناقض القوى السياسية في مصر ليس بجديد عليها، ولا سيما في حال دخول المعركة أحد أطراف الدولة التي سرعان ما تنحاز له. وهو ما عبر عنه رئيس حزب المؤتمر، السفير محمد العرابي، لـ«الأخبار»، بقوله «إن الحزب يدعم المشير عبد الفتاح السيسي حال ترشحه للرئاسة ويؤيده، وسيحشد للتصويت له بنعم».
وفي شأن الحديث عن مشاركة الحزب في حملة السيسي رئيساً للجمهورية، قال العرابي إن «الحديث سابق لأوانه»، مشيراً إلى أن «الحملة لم يتحدد أعضاؤها بعد، ولم يستقر عما إذا كان سيشكل حملة له، أو لا»، موضحاً أنه «بمجرد إيضاح الأمر، سيعلن الحزب موقفه النهائي».
من جانبه، أكد رئيس لجنة الخمسين التي أجرت التعديل على الدستور، عمرو موسى، في تصريح لـ«الأخبار»، أن «المعلومات الأكثر ترجيحاً تشير إلى ترشح المشير عبد الفتاح السيسي، وأنا أؤيد ترشحه وسأعطيه صوتي في الانتخابات»، كاشفاً عن أنه لم يفكر في خوض هذا السباق.
وأضاف موسى: «سيأتي السيسي للرئاسة بطريقة ديموقراطية، لأنه سيحصل على أغلبية أصوات الناخبين ولا حديث آخر»، مشيراً إلى أنه «يدعم المشير السيسي، لأنه يستطيع أن يحقق التناغم بين مؤسسة الرئاسة والجيش، والدستور سيحكم بينهم في أي خلاف».
وبشأن عسكرة الدولة في حال ترؤس السيسي البلاد، قال موسى «إن قدوم السيسي من مؤسسة عسكرية إلى حكم مصر مثل أي رئيس يكون له خبرة أو خلفية وظيفية سابقة، والمؤسسة العسكرية سيكون لها قائد جديد».
من جهة حزب الوفد، أكبر حزب ليبرالي في مصر، والذي يناضل من أجل مدنية الدولة، لم يعلن موقفه الرسمي صراحة، إلا أن رئيسه السيد البدوي، قال مستحياً في تصريحات صحافية أمس، إن «الوضع في مصر يفرض على أي شخصية وطنية في هذا الموقف ألا تتراجع عن أداء واجبها الوطني، سواء السيسي أو غيره، فقد شاءت الأقدار أن يكون المشير بالنسبة إلى المصريين هو المنقذ، وأصبح بطلاً قومياً، بعد أن حاز شعبية كبيرة منذ ٣ تموز حتى الآن»، مضيفاً: «أحياناً تفرض الأقدار على الإنسان ما لا يشتهيه، فقد أصبح ترشح السيسي فرض عين، والإحباط كان سيصيب الشعب حال عدم تفكيره في الترشح».
حزب المصريين الأحرار، الليبرالي الهوية أيضاً، والذي تأسس بعد ثورة «25 يناير» ويدعمه مالياً رجل الأعمال نجيب ساويرس، لم يختلف موقفه. أوضح السكرتير العام للحزب، محمود العلايلي، لـ«الأخبار»، «أن المواطنين المصريين لديهم رغبة عارمة في ترشيح السيسي»، مضيفاً أن «الرجل أثبت بمواقفه وأفعاله أنه الأجدر والأنسب للمرحلة، لكن لا بد أن يكون هذا مترافقاً مع برنامج محدد؛ لأن المصريين يختارون برامج للمستقبل، لا أفعالاً جرت في وقت سابق»، مطالباً «السيسي بتقديم برامج ورؤى في الوقت الذي يطرح فيه نفسه مرشحاً للرئاسة.
ورأى العلايلي أن «قوة الانتخابات المقبلة مرتبطة بعدد المصوتين وإقبال المصريين على التصويت، وارتفاع نسبة المشاركين في التصويت». وعلق على إمكانية مشاركة الحزب في كتابة برنامج السيسي «لو طلب منا أي نوع من التعاون سنكون جاهزين، لأن الأمر يخص مصلحة الدولة المصرية، ولدينا ملاحظات واقتراحات كثيرة في ما يخص الأزمة الاقتصادية ومياه النيل».
وبشأن الانتقادات الموجهة للأحزاب التي قررت مساندة السيسي والتخلي عن مبادئ الدولة المدنية، قال العلايلي إن «مدنية الدولة لا علاقة لها بالشخص وخلفية الشخص الذي يتولى الرئاسة، هو لن يتولى الرئاسة بمنصبه العسكري، ومدنية الدولة تقاس بالتحضر والتقدم الذي ممكن أن يحققه هذا الشخص».
حزب التحالف الشعبي الاشتراكي، الذي سبق أن أعلن دعمه للمرشح الرئاسي ذي التوجه اليساري أبو العز الحريري، أوضح رئيسه عبد الغفار شكر، أن «حزبه لن يعلن موقفه من الانتخابات الرئاسية إلا بعد انتهاء اجتماع اللجنة المركزية للحزب الذي سيعقد خلال النصف الأول من شهر شباط المقبل»، موضحاً أن «المجلس العسكري ترك للسيسي حرية التصرف بشأن الترشح للرئاسة استجابة منهم للإرادة الشعبية، ومن المؤكد أن السيسي سيستجيب ويترشح».
وسيحسم التيار الشعبي وحزب الكرامة، أنصار حمدين صباحي، المرشح الرئاسي السابق، الذي لا يزال يدرس الترشح مجدداً، موقفه مع جبهة الإنقاذ خلال اجتماعها الذي لم يحسم موعده بعد. وقال، رئيس الكرامة محمد سامي: «من خلال معرفتي الشخصية بصباحي، أنه إذا إنحاز برنامج السيسي الانتخابي لمصالح أغلبية الشعب، لن يشق الصف الوطني وسيدعمه»، مضيفاً أن «حزبه سيحسم موقفه تجاه دعم السيسي بعد طرح برنامجه الانتخابي، وحول موقف حمدين صباحي من الترشح للرئاسة».
ولم تحسم الحركات الشبابية بعد مرشحها الرئاسي، في ظل احتجاز بعض قاداتها في السجون.