مع وصول المبعوث الأممي، مارتن غريفيث، إلى العاصمة صنعاء، تزايدت المؤشرات على إمكانية أن تحمل زيارته أنباءً «مبشّرة» في ما يتصل بالجهود المبذولة لوقف الحرب، وإعادة إطلاق المفاوضات، خصوصاً أن الولايات المتحدة، الراعية الرئيسة لتحالف العدوان، عادت وضخّت جرعة دعم جديدة لهذا المسار. دعم رفده انطلاق المباحثات داخل مجلس الأمن حول مشروع القرار البريطاني بشأن اليمن، الذي طالبت حكومة الإنقاذ بجعله قراراً ملزماً بإنهاء العدوان والحصار.والتقى غريفيث، أمس، في أولى مباحثاته في صنعاء، وزير الخارجية في حكومة الإنقاذ، هشام شرف، الذي شدد على ضرورة أن يترافق إعلان الرغبة في «التوجه نحو السلام»، مع «خطوات عملية ملموسة»، لافتاً إلى أهمية أن تشمل «الترتيبات العسكرية والأمنية القادمة جميع الأطراف المسلحة، وكذلك الحال بالنسبة إلى الترتيبات الحكومية المؤسسية والإدارية، التي سيكون أساسها التوافق»، معتبراً أن «المرحلة القادمة ستكون مرحلة طيّ صفحة الرئيس المنتهية ولايته دستورياً كماضٍ منتهٍ». وأكد غريفيث، من جهته، أن «هناك فرصة حقيقية لإحلال السلام»، داعياً جميع الأطراف إلى «اغتنامها بما يسهم في إنهاء الكارثة الإنسانية».
كذلك، التقى المبعوث الأممي قيادات من «أنصار الله»، فيما من المتوقّع أن يجتمع بزعيم الحركة عبد الملك الحوثي، في الساعات المقبلة. وقال عضو الوفد الوطني المفاوِض، سليم المغلس، لـ«الأخبار»: «(إننا) أكدنا للمبعوث الأممي في لقائنا به أن أي قرار يصدر عن مجلس الأمن لا يوقف الحرب والحصار بشكل صريح ونهائي، هو غير ذي جدوى إن لم يكن عبئاً، ويزيد الأمر تعقيداً». وهو ما نبّهت إليه، أيضاً، وزارة الخارجية في حكومة الإنقاذ، التي اعتبرت، في مذكرة وجّهتها إلى مجلس الأمن، أن «اتخاذ قرارات لا تتّسم بالشمولية، ولا تلبّي تطلعات الشعب اليمني، ولا ترقى إلى حجم المعاناة التي يقاسيها، ولا تعكس المتغيرات الجديدة، لن تساهم في إحلال السلام»، مطالبة بـ«اعتماد قرار يتضمّن إيقاف العدوان، ورفع الحصار، واتخاذ إجراءات لوقف الانهيار الاقتصادي، واستئناف مشاورات السلام».
وجاء موقف حكومة الإنقاذ في وقت يواصل فيه مجلس الأمن بحث مسودة قرار طرحتها بريطانيا على الأعضاء الاثنين الماضي، وتتضمّن مقترحاً بهدنة في محافظة الحديدة، تترافق مع ما يُفهَم من مضمون المشروع أنه وقف الغارات الجوية مقابل وقف الصواريخ وغارات الطائرات المسيّرة. وقال مندوب السويد الدائم لدى الأمم المتحدة، أولوف سكوغ، إن «المفاوضات بين ممثلي الدول الأعضاء في المجلس تتركّز الآن على مضمون القرار وتوقيت صدوره»، رافضاً الردّ على أسئلة بشأن وجود خلافات بين الدول الأعضاء حول بعض فقرات المشروع. وكانت هولندا قد أعلنت، أول من أمس، أن بعض الدول طلبت إدخال تعديلات على المسودة، من دون إيضاح ماهية تلك التعديلات، لكنها أملت أن يُطرَح المقترح البريطاني على التصويت في «أقرب وقت ممكن».
وعلى خط موازٍ لبدء غريفيث مشاوراته في صنعاء، وتواصل الحراك في مجلس الأمن، دخلت الولايات المتحدة على الخطّ مجدداً، مُضفِية ما ظهر أنه مزيد من الجدية على جهود إعادة الأطراف إلى طاولة الحوار، بإعلان وزير دفاعها جيمس ماتيس، أن الجولة التفاوضية المقبلة ستُعقد في السويد مطلع الشهر المقبل، وتأكيده أن السعودية والإمارات «تدعمان بقوة» هذه المفاوضات. اللافت أيضاً أن ماتيس شدّد على أن جبهات القتال لم تشهد تغيرات خلال الساعات الاثنتين والسبعين الماضية، على الرغم من بعض الاشتباكات، مُذكّراً بأن السعودية والإمارات أوقفتا العمليات الهجومية حول الحديدة، الأمر الذي يوحي بأن ثمة بالفعل قراراً دولياً بتهدئة الأوضاع في المحافظة الساحلية، تمهيداً لانطلاق مشاورات السلام.