القاهرة | بينما يسود المشهد الإعلامي المصري ضبابية على المستويين الرسمي والخاص، أعدّت لجنة الشكاوى التابعة لـ«المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام» (بديل وزارة الإعلام) لائحة عقوبات (جزاءات) على مخالفات وسائل الإعلام، تضم بنوداً تعسفية من حيث طبيعتها، وذلك ضمن سياسة الدولة المستمرة في تقييد الإعلام. ومن بين ما تنصّ عليه اللائحة، تنص مادتها الثالثة على معاقبة كل من نشر أو بث شائعات، أو أخباراً مجهولة المصدر، أو نقل عن مصادر إعلامية أخرى، أو استخدم «السوشيال ميديا» مصدراً للمعلومات دون التحقق من صحتها من مصادرها الأصلية، أو حال عدم احترام الرأى الآخر من حيث التوازن، بأحد الجزاءات التي من بينها لفت النظر (التنبيه)، والإنذار، وتوقيع غرامة لا تقلّ عن 10 آلاف جنيه، ولا تزيد على 25 ألف جنيه، كذلك تجوز مضاعفة العقوبة واتخاذ الإجراءات القانونية المناسبة، في حال استخدام عبارات تشمل التخوين دون سند.
كذلك يجوز، وفق اللائحة الجديدة، وقف بث البرامج، أو الصفحة أو الموقع الإلكتروني، لفترة مؤقتة، مع توقيع غرامة لا تقل عن 250 ألف جنيه، ولا تزيد على 500 ألف جنيه أو بإحدى العقوبتين، إذا سبّب ما نُشر أضراراً اقتصادية أو اجتماعية أو أمنية، وإلزام الوسيلة بنشر تكذيب أو بثه، بذات الطريقة التي وقعت فيها المخالفة.
كذلك يعاقب كل من تمادى في انتقاد سلوكيات المواطنين بشكل يجاوز حدود النقد المباح والمعقول، وترتب عن ذلك إهانة، بإحدى العقوبات التي من بينها: الإنذار، وإلزام الوسيلة بتقديم اعتذار، ومنع نشر أو بث، أو حجب الصفحة، البرنامج، أو الموقع الإلكتروني لفترة محددة.
كذلك تضمنت اللائحة التي يفترض إرسالها إلى مجلس الدولة من أجل الموافقة عليها قبل إقرارها واعتمادها رسمياً، للتأكد من تطابقها مع النصوص القانونية والدستورية معاقبة كل من استخدم أو سمح باستخدام عبارات، أو ألفاظ تدعو إلى التحريض على العنف، أو الحضّ على الكراهية، أو التمييز أو الدعوة للطائفية، أو العنصرية، أو بث أو نشر ما يهدد النسيج الوطني، أو يسيء إلى مؤسسات الدولة، أو الإضرار بمصالحها العامة، أو إثارة الجماهير بمنع نشر أو بث أو حجب الصفحة، أو الباب، أو البرنامج، أو الموقع الإلكتروني لفترة محددة أو دائمة، أو منع نشر أو بث الوسيلة لفترة محددة، أو توقيع غرامة لا تقل عن 250 ألف جنيه، ولا تزيد على 500 ألف جنيه.
وأبدى صحافيون وحقوقيون مخاوف من هذه النصوص التي وضعت عبارات فضفاضة يمكن استخدامها للتنكيل بأي رأي معارض، خاصة في ما يتعلق بالتحقق من صحة المعلومات من مصدرها الأصلي، في ظل غياب قانون واضح لتداول المعلومات وصعوبة الوصول إلى الحقيقة من خلال المسؤولين، الذين أصبحوا يرفضون الإفصاح عن أي معلومات في قضايا جدلية، ويكتفون ببيانات رسمية فقط.
وأجرى نقيب الصحافيين عبد المحسن سلامة، اتصالات هاتفية بعدة مسؤولين للنقاش في اللائحة المقترحة، مطالباً بضرورة عرضها على النقابة لأخذ رأيها، خاصة أن جزءاً رئيسياً منها مرتبط بالعقوبات التي ستُطبَّق على الصحف والمواقع الإلكترونية. وأكد ضرورة ألّا تؤدي الضوابط إلى التضييق على حرية الرأي. فيما تبرّأ رئيس «المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام» مكرم محمد أحمد، من إصدار اللائحة محل الجدل، مبيناً أن «المجلس» لم يوافق عليها ولم يناقشها حتى الآن، مؤكداً أن دوره تيسير الأمور لا تعقيدها على وسائل الإعلام، مع التزام ألا تتعارض حرية الإعلام وحق التعبير مع السياسات العامة للدولة.
ومن المقرر أن يناقش الاجتماع المقبل للمجلس تفاصيل اللائحة وبنودها، في وقت أبدت فيه غالبية مجلس نقابة الصحافيين رفضها لجميع مواد اللائحة. وتأتي هذه التحركات في وقت تعمل فيه المجالس المسؤولة عن الإعلام، بالرغم من انتهاء فترة عملها وعدم صدور قرارات تشكيل مجالس جديدة، وهي قرارات كان يفترض أن تصدر الشهر الماضي، لكن عدم الاستقرار على شخصيات بديلة أخّر صدورها.