حتى الثالث من الشهر الجاري، لم يكن «الزنكيون» يستشعرون خطراً كبيراً من جراء المعارك المندلعة بينهم وبين «النصرة». وعلى العكس من ذلك، كانت «الروح المعنوية» في أوجها كما بدا الأمر في خلال اجتماع عُقد بين عدد من «قادة المجموعات» التابعين لـ«الحركة»، وفقاً لما يؤكده مصدر مرتبط بها لـ«الأخبار». وعلى رغم أن حسابات الربح والخسارة كانت حاضرة في ذلك الاجتماع، إلا أن أقصى ما تخوّف منه المجتمعون، «الاضطرار إلى الانسحاب من بعض النقاط إذا ما تأخّر وصول الدعم». كان المجتمعون قد تلقّوا في الليلة السابقة (2 كانون الثاني) وعوداً قطعية بـ«مؤازرة كاملة» من «الجبهة الوطنية للتحرير»، وخلصوا إلى نتيجة مفادها أن أي «انسحاب اضطراري يمكن تعويضه سريعاً». يؤكد المصدر أن «الأمور لم تكن تستدعي حتى إعلان التعبئة العامة»، ويوضح أن «معظم أهالي مناطقنا (قبتان الجبل، عنجارة، الهوتة، بالا، بلنتا... وغيرها) مسلحون، ومستعدون للدفاع عن المنطقة، بمن فيهم من ليس عضواً في الحركة».لم يصل الدعم الموعود، ووصلت بدلاً منه تأكيدات «صديقة» بأن «النصرة» لن تقتحم أو تحاول التوغل في المناطق التي تُعدّ «بيئة حاضنة» لـ«الحركة». المفاجأة أن «النصرة» باشرت التوغل، وأن انهياراً سريعاً و«غير مفهوم» وقع على بعض المحاور، ليصل الأمر إلى استسلام مذلّ. يرفض المصدر التفسير المرتبط بـ«حدوث خيانة داخل الحركة»، ويؤكد في الوقت نفسه أنها كانت «خدعة كبرى» رسم معالمها الأتراك ونفّذتها جماعاتهم، ولا سيما «فيلق الشام».
ما شهدته مناطق «الزنكي» تكرّر في منطقة الأتارب (ريف حلب الشمالي الغربي)، مع اختلاف بعض التفاصيل. إذ أدى تهاوي «الحركة» إلى إضعاف «الروح المعنوية»، إضافة إلى تيقّن مسلحي الأتارب من أن أحداً لن يمدّ لهم يد العون. حوصرت المدينة الاستراتيجية، وبات «الجهاديون» على أبوابها مع تهديد شديد اللهجة بـ«إحراق المدينة بمن فيها». أما البديل، فكان دخول المدينة تحت سيطرة «النصرة»، وتفكيك المجموعات المسلحة فيها، وتسليم سبعين اسماً من أبناء المدينة (من بينهم نساء)، والتنازل عن مخازن الأسلحة والذخائر. وبعد مفاوضات سريعة، جرى تجاوز شرط «تسليم المطلوبين»، واستعيض عنه بخروجهم من المنطقة برفقة كل المسلحين الذين يرفضون الانضمام إلى «النصرة»، وهو ما عُبّر عنه في الاتفاق المكتوب بـ«حل فصيلَي ثوار الشام وبيارق الإسلام، وإبقاء سلاح الكتائب المرابطة مع النظام».