الخرطوم | في محاولة لإنقاذ شعبيته، يحطّ الرئيس السوداني،عمر البشير، اليوم، في عطبرة، المدينة التي شهدت الشرارة الأولى لاندلاع موجة الاحتجاجات المطالبة بإسقاط النظام، على خلفية الأزمة الاقتصادية الخانقة. ووفق ما هو معلن، سيشهد البشير ختام مهرجان الرماية القومي، وهو نشاط ذو بُعد عسكري، بإشراف سلاح المدفعية في المنطقة الجديدة، الواقعة خارج عطبرة. غير أن مصدراً مطلعاً على الزيارة أكد لـ«الأخبار» أن برنامج زيارة البشير قد تمّ تغييره كلياً، إذ تم إلغاء افتتاح عدد من المشاريع في المدينة، خشية ارتفاع الأصوات المناوئة له، فيما أشار أحد أبناء المدينة، علي إبراهيم، في حديث إلى «الأخبار»، إلى أن تقليص البرنامج جاء بعد علم حكومة الولاية بأن سكان المدينة عازمون على عدم استقبال البشير، مرجّحاً أن تحشد السلطات «الموظفين من المصالح الحكومية لاستقباله».وفي الوقت الذي تستعد فيه أحزاب «الحوار الوطني»، الموالية للحكومة، بالإضافة إلى حزب «المؤتمر الوطني» الحاكم، لتنظيم حشد جماهيري يخطب خلاله البشير، صباح غد الأربعاء، في الساحة الخضراء، بالقرب من القصر الرئاسي في الخرطوم، أعلن «تجمع المهنيين السودانيين» تسيير موكب رابع باتجاه المجلس الوطني (البرلمان)، غير أن وزير الداخلية، أحمد بلال عثمان، اعتبر أن الأولى مرخص لها ومحمية بالقانون، لأن القائمين عليها تقدموا بطلب لدى وزارته للسماح لهم بالتجمع والاحتشاد، فيما اعتبر تظاهرة «تجمع المهنيين»، غير قانونية، مرجعاً رفضه ترخيصها إلى عزم المحتجين على تسليم مذكّرة تطالب الرئيس بالتنحّي، و«الدستور لا يسمح بالتظاهر لإسقاط النظام» كما قال، داعياً من يريد تغيير النظام إلى اللجوء إلى صناديق الاقتراع.
وفي أول كشف رسمي لعدد المعتقلين، أعلن الوزير عثمان، الذي مثل أمام البرلمان أمس، أن عددهم بلغ 816 شخصاً خلال 381 تظاهرة جرت في الأسابيع الماضية في مدن سودانية عديدة، بينها الخرطوم، وهو رقم يقلّ بكثير عن تقدير الناشط البراق النذير الوراق، الذي قدّر اعتقال السلطات نحو ألفي شخص، من بينهم ناشطون سياسيون، وصحافيون، وأعضاء مجتمع مدني. لكن وزير الداخلية حاول إظهار العنف المفرط الذي تمارسه السلطات كدليل على عدم سلمية التظاهرات، إذ قال إن الشرطة دوّنت 19 بلاغ وفاة، بينها لعنصرين نظاميين (أعلنت منظمة «العفو» الدولية، في الـ24 من كانون الأول/ديسمبر، مقتل 37 محتجاً برصاص قوات الأمن). وأشار عثمان إلى أن عدد مصابي القوات النظامية بلغ 131مصاباً، منهم 127 عنصراً تابعاً للشرطة، فضلاً عن «تدمير 194 سيارة، بينها 15 تخص منظمات دولية.... وإحراق 118 مقراً حكومياً وحزبياً، 18 منها مقار للشرطة»، بحسب ما أعلن خلال جلسة البرلمان، التي شهدت مرافعات قوية من النواب حول الجهة التي أعطت الأوامر بإطلاق الرصاص الحي بوجه المتظاهرين، إذ طالب بعض النواب الوزير بتقديم استقالته.
وعلى رغم استخدام السلطات الذخيرة الحية والغاز المسيل للدموع وقنابل الصوت، تتواصل التظاهرات المنادية بإسقاط الحكومة. وأمس، خرج المئات من أبناء مدينة بورتسودان، شرقي البلاد، من مهنيين وقوى سياسية، في حشد كبير، تحرّك نحو المجلس التشريعي في الولاية، لتسليم مذكرة تطالب البشير بالتنحّي، فيما تتواصل التظاهرات، اليوم، في مدينة القضارف، وفق ما أعلن «تجمع المهنيين السودانيين». وفي مدينة ود مدني، وسط البلاد، دخل قطاع الصيادلة، أمس، في إضراب مفتوح، إذ تم إغلاق جميع الصيدليات في المدينة.