«أرجوكم ساعدوه... إنها القصة ذاتها... لا تنسوا حكيم... أنا معك». بهذه التغريدة عبّرت رهف القنون، عن دعمها للشاب البحريني حكيم العريبي. المواطنة السعودية الهاربة من أسرتها عانقت أخيراً الحرية في كندا، التي استقبلتها كـ«لاجئة» بعد توقيفها لمدة أسبوع في مطار بانكوك في تايلاند، في حين لا يزال العريبي يقبع في المكان عينه منذ أكثر من خمسين يوماً.العريبي، لاعبٌ سابقٌ في منتخب البحرين، لجأ إلى أستراليا بعد تعرّضه للسجن والتعذيب على يد السلطات البحرينية، التي قادت حملة قمع ضد الرياضيين الذين شاركوا في انتفاضة شباط/ فبراير 2011. وفي العام 2014، حُكم على العريبي غيابياً بالسجن عشرة أعوام، استناداً إلى اعترافات أدلى بها تحت التعذيب. نجا العريبي من قبضة الأجهزة الأمنية البحرينية بصفته لاجئاً أسترالياً، حتى 27 تشرين الثاني/ نوفمبر الماضي، عندما احتجزته السلطات التايلاندية في مطار بانكوك، فور وصوله وزوجته، والهدف من ذلك «ترحيله» إلى البحرين. مباشرة، أبلغت بانكوك المنامة بقدوم العريبي، فسارعت الأخيرة إلى إصدار مذكرة «التوقيف الحمراء» من الشرطة الدولية «الإنتربول». وعلى رغم رفع اسمه عن «الشارة الحمراء»، إلا أن السلطات التايلاندية ترفض عودة العريبي إلى أستراليا، التي تطالب بإعادة اللاجئ إلى موطنه الجديد، في حين أشارت منظمتا «العفو الدولية» و«هيومن رايتس ووتش»، إلى جانب عشرات المنظمات، إلى «انتهاك تايلاند لحقوق اللاجئين والمواثيق الدولية»، في هذه القضية.
كذلك، وعلى رغم مطالبة كلّ من «الاتحاد الدولي لكرة القدم» (الفيفا)، و«الاتحاد الأسترالي لكرة القدم» بإطلاق سراح اللاعب في نادي «باسكو فايل» الأسترالي في مدينة ميلبورن، إلا أن رئيس «الاتحاد الآسيوي لكرة القدم»، ونائب رئيس الـ«فيفا» سلمان آل خليفة (ابن عم ملك البحرين)، رفض التعاون مع رئيس «الاتحاد الأسترالي» كريس نيكو، وذلك خلال لقاء جمعهما أثناء «بطولة كأس آسيا» لعام 2019، والمقامة حالياً في الإمارات.
شكّكت جهات حقوقية في ادعاءات السلطات حول قضية العريبي


وفي هذا الإطار، تؤكد رئيسة «شؤون أستراليا في منظمة هيومن رايتس ووتش»، إيلاين بيرس، في حديث إلى «الأخبار»، أن «سلمان آل خليفة متورط باعتقال وتعذيب رياضيين شاركوا في احتجاجات 2011، إذ اعتقل حوالى 150 رياضياً، وعاقب 6 فرق، وخفّض مكانة فريقين في الدوري»، مُحمِّلةً إيّاه «مسؤولية أي مكروه قد يصيب العريبي، إذا رُحِّل إلى البحرين». وتتهم بيرس، بانكوك، بـ«انتهاك اتفاقية مناهضة التعذيب، التي تمنع طرد أي شخص أو إعادته أو تسليمه إلى دولة أخرى، إذا توافرت الأسباب الحقيقية التي تدعو إلى الاعتقاد بأنه سيكون في خطر التعرض للتعذيب».
الأربعاء الماضي، خرجت ـــ وللمرة الأولى ـــ سلطات البحرين عن صمتها حول القضية، وذلك في تصريحات أدلى بها الناطق باسم الحكومة لوكالة «رويترز»، قائلاً إنه «لا خطر على حياة العريبي، ويستطيع الاستئناف بعد عودته». تصريحاتٌ لم تُقنع الكثيرين، إذ شكّكت جهات إعلامية وحقوقية في صحتها، وعلى رأسها صحيفة «الغارديان» الأسترالية، التي أشارت في مقال لها إلى أن «منظمة العفو الدولية في أستراليا لطالما فضحت الانتهاكات الصارخة التي تمارسها سلطات البحرين بحق المجتمع المدني، من حلّ الجمعيات السياسية ووسائل الإعلام، إلى حظر سفر النشطاء واحتجاز المدافعين عن حقوق الإنسان تعسفياً»، في وقت وصف مدير «قسم جنوب أسيا في منظمة هيومن رايتس ووتش» ميناكشي غانغولي، وفق الصحيفة، التصريحات الرسمية بـ«الادعاءات الكاذبة».
بدوره، نفى «معهد الخليج للديموقراطية وحقوق الإنسان»، يحيى الحديد، صحة تصريحات الناطق الحكومي، مشيراً إلى أن العريبي «سبق وتعرّض للتعذيب عام 2011، ولم يتم التحقيق في الأمر أو محاسبة المسؤولين عن تعذيبه». وفي حديث إلى الصحيفة نفسها، أكد أن «العريبي سيتعرض إذا ما تم ترحيله لصعقات كهربائية في السجن، لانتقاده أحد أفراد العائلة الحاكمة، تماماً كما حصل مع الرياضي حمد الفهد» على حدّ تعبيره.
بهذا السجل الحافل من الانتهاكات، خاضت البحرين «بطولة كأس آسيا»، في وقت لا يزال لاعبوها يقبعون خلف القضبان، على خلفية مطالبتهم بالتحوّل الديموقراطي في المملكة. وللمفارقة، واجه منتخب البحرين، البلد الذي قامت حكومته بتعذيب العريبي، منتخب تايلاند، البلد المتواطئ مع مُعذِّبي اللاعب الدولي، الأسبوع الماضي، في مباراة دعا اللاعب الأسترالي البارز كريغ فوستر، إلى أن «يكون الفوز فيها من أجل حقوق الإنسان والحريات، وإعادة العريبي إلى أستراليا».