كان التصور الذي قدمه رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس أبو مازن، للتسوية مع إسرائيل، محطّ اهتمام الصحافة الاسرائيلية، بالمقارنة مع ما هو معلن من مواقف وشروط على لسان رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو، حول الترتيبات الأمنية وبقاء جيش الاحتلال في غور الاردن، والمستوطنات، ومسألة الاعتراف بيهودية إسرائيل، وحق العودة.
أهم ما خلصت اليه عمليات المقارنة، خاصة بعدما انتقلت مواقف السلطة من دائرة التسريب والتقدير الى الاعلان وتحولت الى معطيات ملموسة، أنها عززت الصورة عمّا يعترض وزير الخارجية الاميركي من صعوبات لجسر الهوة، رغم ما أظهره أبو مازن من تراجع عما يفترض أنه ثوابت فلسطينية، حتى بمعايير خط التسوية، وتحويل هذه المسائل الى صيغة إطار بهدف استمرار المفاوضات، وتقديمها إلى الطرفين في الاسابيع المقبلة.
في مقابل موافقة أبو مازن على بقاء جيش الاحتلال في الأراضي الفلسطينية المحتلة لمدة خمس سنوات، لفتت صحيفة «معاريف» الى أن إسرائيل تتمسك بمطالبتها بحرية العمل لجيشها في أراضي الدولة الفلسطينية، حتى بعد استكمال الانسحاب منها.
وفي ما يتعلق بطرح أبو مازن حول وجود قوات الاطلسي بقيادة الولايات المتحدة على كامل أراضي الدولة الفلسطينية من دون تحديد فترة زمنية لهذا البقاء، بهدف حماية أمن إسرائيل والفلسطينيين معاً، لفتت «معاريف»، في المقابل، الى أن نتنياهو وافق بصعوبة على فترة عشر سنوات، وحتى في ذلك الحين يتم الانسحاب المتدرج وفقاً للتقديرات الاسرائيلية بأن الفلسطينيين قادرون بالفعل على السيطرة الامنية. وحتى ذلك الوقت، يرفض نتنياهو أي فكرة مثل نشر قوات الأطلسي التي اقترحها أبو مازن.
وفي مقابل اقتراح أبو مازن إخلاء هذه المستوطنات تدريجاً خلال فترة 5 سنوات، تسعى إسرائيل للإبقاء على أكبر عدد من المستوطنات في مكانها دون اقتلاع. وفي الوقت الذي وافق فيه أبو مازن على الطلب الاسرائيلي بدولة منزوعة السلاح، إلا أنه لم يتحدث عن تفاصيل صلاحيات قوة حفظ النظام الفلسطينية.
أما بخصوص رفض أبو مازن الاعتراف بإسرائيل دولة يهودية، فتتفق الحكومة الاسرائيلية، بطولها وعرضها، على هذا المطلب، بدءاً من نتنياهو ووزير الدفاع موشيه يعلون وصولاً الى تسيبي ليفني التي طرحت هذا المطلب خلال الاتصالات التي أدارتها في ظل رئاسة إيهود أولمرت للمفاوضات. لكن «معاريف» رأت أيضاً أن أبو مازن كفيل بأن يوافق على صيغة تتضمن قرار التقسيم الصادر في عام 1947، والذي قسم فلسطين الى دولة يهودية وأخرى عربية، وبذلك يحصل نتنياهو على اعتراف ضمني. لكن الأخير يرفض هذا الموقف رفضاً باتاً، كما تؤكد «معاريف»، لأنه يحمل في طياته أيضاً موافقة على تعريف لمسألة الحدود كونه يتناول حدود الدولة اليهودية ما قبل عام 49، والتي تسمى خطوط عام 67.
وفي ما يتعلق بحدود عام 67، التي يطالب أبو مازن باعتبارها أساساً للمفاوضات، مع تبادل للأراضي متماثل، من حيث الحجم والنوعية، يرفض نتنياهو ذلك، لأنه «في هذه الحال سيوافق عملياً بشكل مسبق على ما يبقى وما لا يبقى داخل الأراضي الإسرائيلية، وعليه، لن يستطيع مواصلة البناء خارج الجدار الامني للكتل».
أما لجهة مدينة القدس المحتلة، فمن الواضح أن «أبو مازن معني بأن يكتب في صيغة الإطار أن القدس الشرقية عاصمة فلسطين، لكن نتنياهو يطالب بتعريف موسع للقدس، يضم الاحياء العربية المحيطة بها، وذكر الطموح الفلسطيني في القدس بشكل غامض جداً»، كما ذكرت «معاريف».
وفي ما يتعلق بحق العودة، ففي الوقت الذي يحاول أبو مازن شق ثغرة في هذه المسألة الجوهرية، يتشدد نتنياهو، رافضاً الاعتراف بهذا الحق ولو رمزياً.
على صعيد آخر، رفض البيت الأبيض الهجمات التي تعرض لها وزير الخارجية جون كيري من قبل مسؤولين إسرائيليين، في أعقاب التحذير من المقاطعة التي يمكن أن تتعرض لها إسرائيل. ورأت مستشارة الامن القومي الاميركي سوزان رايس أن الهجمات التي تعرض لها كيري «غير مقبولة ولا أساس لها». في المقابل، طلب نتنياهو من وزرائه الكف عن مهاجمة كيري، مضيفاً أن الأخير «أكد رفضه لأي مقاطعة لإسرائيل، وأن الولايات المتحدة اعترضت في السابق على مقاطعة إسرائيل وعملت على إحباطها في الماضي، ونتوقع منها أن تستمر في ذلك». من جهته، أعلن رئيس البيت اليهودي نفتالي بينيت أنه في حال تبين أن وثيقة اتفاق الاطار التي سينشرها كيري تتنافى وقيم الحزب، فإنه سينسحب من الائتلاف الحكومي.