يواجه رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، مشهداً معقّداً في الساحة الفلسطينية. فمن جهة، يدرك أن زيادة الضغط على الواقع الشعبي في قطاع غزة سوف يدفع فصائل المقاومة إلى الضغط المضاد، وهو ما سيرفع مستوى التوتر. ومن جهة أخرى، يواجه ضغوطاً من اليمين السياسي والشعبي لزيادة الخناق على غزة. لذلك، يَحذر من أن يبدو «متساهلاً» كي لا يتمكن منافسوه، وتحديداً رئيس «إسرائيل بيتنا» أفيغدور ليبرمان ورئيس «اليمين الجديد» نفتالي بينت، من تسجيل نقاط عليه في ظلّ أجواء انتخابية محتدمة.بين هذين الحدين، يجد نتنياهو نفسه متذبذباً بين المزايدات الانتخابية والتصعيد. ومما ساهم في تعقيد الموقف التوتر الأخير في سجن «عوفر»، بخاصة مع أسرى حركة «الجهاد الإسلامي»، والذي أعقبته إغارة سلاح الجو الإسرائيلي على أهداف تابعة لحركة «حماس» أول من أمس.
في البداية، قدّم رئيس حكومة العدو نفسه على أنه يريد منع إدخال «المنحة القطرية» لدفع رواتب الموظفين في القطاع، لكن المؤسسة الأمنية رفعت بالإجماع توصية إلى المستوى السياسي بالسماح بنقل الأموال على خلفية الخشية من تصعيد لا يريده أي من الأطراف، وهو ما وفر له سلّماً للتراجع عن موقفه، وتحصيناً أمام منافسيه في اليمين.
في هذا الإطار، ذكرت التقارير العبرية أن الحكومة الإسرائيلية قررت السماح بنقل الأموال، في وقت رأى المعلق العسكري في صحيفة «هآرتس»، عاموس هرئيل، أن التصعيد الأخير في غزة مرتبط بصورة وثيقة بالتوتر في «عوفر» الذي اندلع قبل نحو عشرة أيام.
لذلك، انعقد «المجلس الوزاري المصغر» (الكابينت) أمس وعلى جدول أعماله سلسلة عناوين من ضمنها غزة والمال القطري، إضافة إلى الوضع في سوريا والمنطقة. وكان نتنياهو قد هدّد القطاع باعتداءات «مؤلمة جداً»، وذلك خلال زيارته قاعدة «شيزافون» العسكرية. وقال: «ربما هناك في غزة من فكر أنه يستطيع أن يرفع رأسه ويعتدي علينا. أنصحهم بأن يدركوا أن الرد سيكون قاتلاً ومؤلماً جداً. نحن مستعدون لجميع السيناريوات ولأي تصعيد».
قرّر «الكابينت» السماح بنقل «المنحة القطرية» بناء على توصية الجيش


في الكلمة نفسها، أعاد تأكيد أن إيران هي «العدو الرئيسي الذي تواجهه إسرائيل... إيران تصرح بأنها تعتزم تدميرنا بأسلحة نووية، ويجب علينا إحباط ذلك»، مضيفاً: «إيران تشكل أيضاً قوات عسكرية من حولنا. إنها تريد أن تطوقنا. الإيرانيون أقاموا حصناً أمامياً في لبنان بواسطة حزب الله، وأقاموا حصناً جنوبياً في قطاع غزة يدعم من حماس والجهاد الإسلامي، والآن يريدون إقامة حصن ثالث على حدودنا في الجولان بتموضع الجيش الإيراني في سوريا».
وتابع: «الجيش الإسرائيلي هو الوحيد الذي يحارب إيران في سوريا، كما يقوم في الوقت نفسه بتحييد سلاح الأنفاق في لبنان في إطار عملية «درع شمالي»، إضافة إلى تحييد الأنفاق في غزة... إسرائيل تواجه إيران والتنظيمات الموالية لها على ثلاث جبهات».
في سياق آخر، لكنه مؤثر في خلفيات مواقف نتنياهو، أكد المفوض العام السابق للشرطة الإسرائيلية، روني ألشيخ، أنه مقتنع بأن المستشار القضائي للحكومة، أفيحاي مندلبليت، «سيصمد أمام الهجمات ضده»، وأنه «لن يتردد في استدعاء رئيس الحكومة لاستجواب قبل تقديم لائحة اتهام ضده ستشمل مخالفة الرشوة»، وذلك قبل الانتخابات العامة للكنيست التي ستجرى في التاسع من نيسان/ أبريل المقبل.
يذكر أن الشرطة تحت قيادة ألشيخ قدمت توصيات إلى النيابة العامة بعد انتهاء التحقيقات تضمنت توجيه لائحة اتهام ضد نتنياهو تشمل ارتكاب مخالفة الرشوة، ثم قدمت النيابة توصيات مشابهة إلى مندلبليت، علماً أن نهاية ولاية ألشيخ اتسمت بالتوتر بينه وبين نتنياهو.