دمشق | حلب | بعدما شهدت مناطق عدة في ريف دمشق تسويات أعادت الأمن إليها وشجعت النازحين عنها على العودة إلى ديارهم، تتردد أنباء في حلب التي تشهد وريفها معارك عنيفة بين الجيش السوري الذي يواصل تقدمه من جهة والجماعات المسلحة من جهة أخرى، أنباءً عن مساع لتحقيق مصالحات في بعض المناطق. وتقضي هذه المصالحات بإلقاء المسلحين سلاحهم وتسوية أوضاع «المغرر بهم» قبل الاقتحام الوشيك للجيش لبعض الأحياء في العاصمة الاقتصادية للبلاد.
وأكّد مصدر مطلع لـ«الأخبار» أن «الجيش يحاول عبر الفعاليات الشعبية والوجهاء ولجان المصالحة دخول بعض الأحياء من دون اقتحام مقابل تسوية أوضاع جميع من غرر بهم كما جرى في مناطق مختلفة من ريف دمشق و غيرها». وأوضح المصدر أن محافظة حلب «هي الأقل بين المحافظات في اتساع نطاق المصالحات، وقررت القيادة السورية الإفساح في المجال أمام محاولة الوصول إلى تسويات لحقن الدماء، وذلك عبر اتصالات تجري مع الأهالي». من جهة أخرى، عاد أمس مئات العائلات إلى منطقة المعضمية (ريف دمشق) التي شهدت مصالحة في وقت سابق.
أما في مخيم اليرموك بريف دمشق، المحاصر منذ أكثر من عام، وبعد وفاة نحو 100 شخص من سكانه بسبب الجوع، فأفادت مصادر من داخله بأن مجموعات من مسلّحي «جبهة النصرة» ولواء «صقور الجولان» أعربت عن نيتها الانسحاب من المخيّم، وحددت مرحلتين للتنفيذ: الأولى الانسحاب إلى آخر المخيّم في منطقة دوار فلسطين وشارع العروبة المتاخم، والثانية إلى يلدا والحجر الأسود. ويأتي هذا الإعلان كموافقة على المبادرة التي أطلقتها الفصائل الفلسطينية الهادفة إلى إنهاء النزاع المسلّح في اليرموك.
وأوضح أحد المسؤولين عن الجماعات المسلحة المعارضة في اتصال مع «الأخبار»، أن هذه الخطوة تأخرت «لأننا أردنا أن نتأكّد من حسن نيات النظام تجاه أهالي مخيّم اليرموك. وبعد سلسلة المبادرات بإدخال المواد الإغاثية إلى المخيم، نقوم نحن بدورنا بالوفاء بالتزامنا وننسحب». وفي المقابل، تشكّك أوساط فلسطينية أخرى بجدية هذا الإعلان من جانب المسلّحين، إذ قال مقاتل من الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين القيادة العامة، إنها «ليست المرّة الأولى التي يعلن فيها هؤلاء نيتهم الانسحاب من المخيّم، من دون أن ينفذوا ذلك». ولفت إلى أنهم هذه المرّة، حدّدوا «الأماكن التي سينسحبون إليها، وهذا يؤكّد عدم جدّية الخطوة؛ إذ يفترض أن تساورهم الخشية من تحديد تلك الأماكن تجنّباً لاستهدافهم أثناء تنقّلهم».

المعارك تتوسّع في دير الزور

على ضفة عسكرية أخرى، يخوض تنظيم «الدولة الإسلامية في العراق والشام» (داعش) معارك عنيفة على جبهتين، في حلب ودير الزور ضد المعارضة المسلحة. وبحسب الوقائع الميدانية، يبدو أن الأيام المقبلة ستشهد احتداماً أكثر في المعارك، حيث يسعى التنظيم إلى السيطرة على المزيد من المناطق. وحتى الآن ينتشر «داعش» في مناطق ريف حلب الشمالي، فيما تشكّل محافظة الرقة أبرز المناطق التي يسيطر عليها. وتضم مقارّه الرئيسيه، إضافة إلى وجود عناصره في محافظة دير الزور وفي ريف حماه. وبينما تستمر المعارك في حلب منذ كانون الأول الماضي، ارتفعت حدّتها أمس على جبهة دير الزور التي فتحت منذ أيام. وأدى تفجير سيارة مفخخة في منطقة الميادين جنوب شرق دير الزور، إلى مقتل العشرات من مسلحي «أحرار الشام» و«لواء درع الأمة». ومعلوم أن المسلحين المعارضين ينتشرون في الميادين والحويقة والرشيدية بشكل كبير.
وفيما سيطر «داعش» على بلدة الراعي قرب الحدود مع تركيا، تضاربت الأنباء عن مصير المئات من المعتقلين في سجون المعارضة السورية في البلدة، بتهم شرب الكحول وتجارتها أو مشاجرات مع المسلحين، إضافة إلى عشرات العسكريين. وتمكّن أحد المعتقلين منذ سنة ونصف سنة في سجن الراعي من الهرب والوصول إلى ذويه في مخيم النيرب بمساعدة بعض الأهالي.
على صعيد آخر، أغار سلاح الجو السوري على مقرين لـ«داعش» في حريتان شمال حلب، وعلى مراكز تابعة لـ«الجبهة الإسلامية» و«النصرة» و«لواء الوحيد» في محيط سجن حلب المركزي والشيخ نجار والشيخ زيات والمدينة الصناعية.
في موازاة ذلك، يستمر الجيش في استهداف مراكز المسلحين في دوما المحاصرة في الغوطة الشرقية وحرستا وعدرا العمالية (ريف دمشق). وأغار أيضاً على تلة النعيمات في ريف القصير قرب الحدود اللبنانية، فيما تستمر الاشتباكات في الزارة في حمص، في ظل قصف جوي عنيف للجيش أمس على مواقع المسلحين المنتشرين في البلدة وقلعة الحصن المجاورة لها.