ريف دمشق | تناقلت أمس صفحات المعارضة وأخرى تابعة لتنظيم «الدولة الاسلامية في العراق والشام» نص اتفاق مصالحة بين التنظيم وألوية «صقور الشام»، التي يقودها أبو عيسى الشيخ، الذي يرأس منصب مجلس شورى «الجبهة الإسلامية». ويقضي الاتفاق الذي نشر أمس، بوقف الاقتتال الدائر بين التنظيمين المعارضين منذ بداية كانون الاول الماضي في حلب (شمالاً).
ويأتي ذلك في وقت تخوض فيه كتائب مقاتلة بينها «الجبهة الاسلامية» التي تنتمي إليها ألوية «صقور الشام»، معارك ضارية ضد «داعش». وينص الاتفاق على «وقف الاقتتال الدائر بينهما فوراً، وأن لا يعتدي أي طرف على الآخر بأي وجه من الوجوه». ويقضي الاتفاق بإحالة الخصومات «إذا وقع اعتداء من طرف على طرف الى محكمة شرعية مشتركة بين الطرفين».
وأبرم الاتفاق الاثنين الماضي ونشر أمس ووقّعه عن «الدولة الاسلامية» أمير منطقة تدمر، وعن «صقور الشام»، نائب قائدها. وفيما حاولت بعض القوى السورية البناء على هذا الاتفاق للقول إن المعارضة عادت لتتوحد ضد النظام، أشار ناشطون معارضون إلى أن اتفاق المصالحة جاء في سبيل «فك حصار الدولة الاسلامية عن عناصر الصقور في منطقة الشاعر في ريف حماه الشرقي». كذلك استغرب عناصر موالون لـ«صقور الشام» كيفية قبول هذه الهدنة، ولا سيّما بعد اعتراف «داعش» بقتل قياديين بارزيين في «الصقور» في منطقة البادية.
مصادر معارضة أفادت لـ«الأخبار»، بأن «هذه الهدنة أتت لفك الحصار عن مقاتلي الصقور»، متوقعاً أن «لا يدوم هذا الاتفاق لأسباب داخلية. ما جرى (بين الجبهة الإسلامية وداعش) كبير وخطير، من الصعب تجاوزه».
وفيما لم يصدر عن حلفاء صقور الشام أي رد فعل رسمي على الاتفاق، كان لافتاً استمرار قادة «الجبهة الإسلامية» بمهاجمة «داعش» أمس، بعد إعلان توقيع الاتفاق. يُشار إلى أن هذا الاتفاق ليس الاول بين «داعش» وأحد مكونات الجبهة. فقبل نحو شهر، وقّع اتفاق بين الأمير العسكري لداعش عمر الشيشاني وحركة «أحرار الشام» في منطقة مسكنة في ريف حلب. وسمح الاتفاق للشيشاني بالعبور الآمن في المناطق التي يسيطر عليها «أحرار الشام»، رغم ان الشيشاني كان يقود رتلاً عسكرياً كبيراً آتياً من دير الزور لنصرة مقاتلي «داعش» في ريف حلب الشمالي، في مواجهة «الجبهة الاسلامية» وحلفائها!
يُذكر أن الحرب بين «داعش» من جهة، و«الجبهة الإسلامية» و«جيش المجاهدين» و«جبهة ثوار سوريا» من جهة اخرى، أوقعت اكثر من 2300 قتيل.
وفي دير الزور (شرقاً)، استمرت المعارك بين مقاتلي المعارضة وعناصر «داعش»، فيما شهدت المدينة اشتباكات عنيفة بين الجيش والمجموعات المسلحة قرب فندق حويجة صقر. كذلك قتل الجيش عدداً من مسلحي «جبهة النصرة» في غارة للطيران الحربي على موقع لـ«النصرة» في محيط حقل التيم في دير الزور.
في موازاة ذلك، تشهد مناطق حلب الشرقية حركة نزوح كثيفة باتجاه حلب الغربية حيث يسيطر الجيش، بسبب المعارك التي تدور بين الجيش ومسلّحي المعارضة. في المقابل، ذكر ناشطون معارضون وقوع عشرات القتلى المدنيين، بينهم نساء وأطفال في قصف للطيران الحربي على مناطق متفرقة في حلب.
رواتب لـ«الجيش الحر» من الدولة
وفي ريف دمشق، واصل أهالي المعضمية العودة إلى بلدتهم، بعد المصالحة التي أُنجزت. وبحسب مصادر في المنطقة، دخل إلى المعضمية نحو 1500 عائلة. وبينما تناقل أهالي البلدة الواقعة جنوبي غربي دمشق أخباراً عن صرف الدولة رواتب لمسلحي «الجيش الحر»، أكّد مصدر أهلي من المعضمية في حديثه مع «الأخبار» بقوله: «صحيح، لقد كان هناك اجتماع ضمّ وفداً منا، نحن لجان المصالحة، ووفداً عن المسلحين من الجيش الحر. وخلال الاجتماع اتفقنا على أن يتحول المسلحون إلى جيشٍ للدفاع الشعبي، فيحافظوا على أسلحتهم في الداخل ويأخذوا رواتب من الدولة، كباقي المنظمات المسلحة التي تساعد الدولة والجيش في المعارك الجارية، وقد وافق المعنيون في الدولة على هذا الاتفاق». وفي مخيم اليرموك، واصلت الهيئات الإغاثية عملها في إدخال المعونات الإنسانية إلى المخيم، حيث جرى صباح أمس توزيع ما يقارب 850 سلة غذائية بالإضافة إلى إخراج الحالات المرضية الحرجة. وكان المكتب الإعلامي لـ«الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين ـــ القيادة العامة» قد أعلن دخول وفد من الفصائل الفلسطينية الموجودة في سوريا إلى المخيم، للاجتماع مع المسلحين ومطالبتهم بتنفيذ بنود المصالحة المطروحة، ولا سيما الانسحاب من المخيم لضمان عودة النازحين إليه.
كذلك وصلت إلى الحدود السورية اللبنانية قافلة مساعدات جديدة تابعة لـ«حملة الوفاء الأوروبية»، حيث تضم القافلة 18 شاحنة محمّلة بالمواد الضرورية لفصل الشتاء، وأعلن أمين أبو راشد، مدير الحملة، أن الشاحنات تحمّل أغطية ومدافئ وألبسة شتوية حليب أطفال.
وفيما استمر القصف والمعارك في منطقة الزبداني، شهد مركز مدينة دمشق ارتفاعاً ملحوظاً في أعداد قذائف الهاون التي ضربت مناطق قريبة من محطة الحجاز والصالحية والسادات والزبلطاني. في هذا الوقت، صعّد الجيش ليل أمس قصفه على تجمعات المسلحين في يبرود.