غزة | تتواصل المباحثات الفلسطينية برعاية روسية في موسكو بعيداً عن ملف المصالحة، بعد تحويل عنوانها إلى «مواجهة المخططات الهادفة إلى تصفية القضية الفلسطينية»، تماشياً مع رغبة القاهرة التي أبلغت الفصائل أنها تريد أن تكون رعاية ملف المصالحة حصراً لها، وأنها ترفض نقله إلى أي دولة أخرى، في وقت دفعت فيه الأزمة المالية حركة «حماس» إلى الإقدام على جملة تقليصات شملت إغلاق إحدى قنواتها الفضائية، بالإضافة إلى تقليصات كبيرة في مؤسساتها الحركية.وعلمت «الأخبار» من مصادر فصائلية أن الحوارات الجارية في روسيا أُفرغت من مضمونها مسبقاً، بخلاف ما أُقرّ لها منتصف الشهر الماضي، إذ طلبت «فتح» والسلطة الفلسطينية من الخارجية الروسية تأجيل الحديث في ملف المصالحة إلى وقت آخر، والتركيز على «مواجهة صفقة القرن لأنها ذات أهمية أكبر حالياً». وذكرت المصادر أن «فتح» قبلت الجلوس مع «حماس» على طاولة واحدة بشرط ألّا يُطرح ملف المصالحة، وهو ما وافق عليه الروس خشية انسحاب «فتح»، خاصة أن الأخيرة تريد دوراً روسياً مقابل الخطوات الأميركية التي كان آخرها قطع جزء من المساعدات، والتعميم بمنع تحويل الأموال إلى رام الله. يشار إلى أنه من أبرز الفصائل المشاركة في حوارات موسكو، إلى جانب التنظيمين المختلفين، «الجهاد الإسلامي» و«الجبهة الشعبية» و«الجبهة الديموقراطية» و«حزب الشعب».
في موضوع ثانٍ، دفعت الأزمة المالية «حماس» إلى تطبيق خطة تقشف جديدة منذ بداية العام الجاري، شملت إغلاق قناة «القدس» الفضائية، إضافة إلى إغلاق مكاتب إعلامية لعدد من مؤسساتها داخل قطاع غزة وخارجه. وولّدت «الأزمة الخانقة»، وفق توصيف مصدر في الحركة، عجزاً عن دفع رواتب التنظيم، ليتم الاقتصار أخيراً على «سلفة مالية تقدر بـ150 دولاراً أميركياً لكل موظف»، وذلك بعد تأخر لأكثر من 50 يوماً، وهذا ما يحدث للمرة الأولى منذ اشتداد الأزمة قبل ما يزيد على عام ونصف عام. وطبقاً للمصادر، ستضطر «حماس» خلال المدة المقبلة إلى «جملة إجراءات تقشفية، تشمل تقليص عدد مؤسساتها، وإغلاق المؤسسات الإعلامية المتشابهة، بل إغلاق مؤسسات أخرى إلى حين انتهاء الأزمة»، رافضة الإفصاح عن أسماء هذه المؤسسات حالياً.
بدأت «حماس» تطبيق خطة تقشف جديدة منذ بداية العام الجاري


من جهة أخرى، قال وزير الشؤون المدنية في السلطة، حسين الشيخ، إنه نقل بطلب من رئيس السلطة، محمود عباس، إلى إسرائيل «رسالة رسمية تؤكد رفض تسلم أموال الجباية إذا خصمت إسرائيل فلساً واحداً منها»، مضيفاً في تصريح صحافي: «بدأت أطراف ومؤسسات مالية دولية كبرى تلبية طلب أميركي بفرض حصار مالي مشدد على السلطة». وكشف الشيخ عن أن «العقوبات بدأت بمنع تحويل منحة عراقية بقيمة 10 ملايين دولار سُلّمت للجامعة العربية أخيراً، ولم تستطع الجامعة تحويلها بسبب رفض البنوك تسلّمها لتحويلها إلى مالية السلطة أو الصندوق القومي... القرار الأميركي يتقاطع مع قرار إسرائيلي للبدء بحسم مبالغ طائلة من قيمة المقاصة التي تجبيها إسرائيل من البضائع المستوردة لأراضي السلطة»، التي تمثل بدورها أكثر من 50% من واردات الخزينة الفلسطينية.
ميدانياً، تتواصل فعاليات الضغط الميداني على حدود قطاع غزة تدريجياً، بما يشمل عودة «وحدات الإرباك الليلي»، في وقت أعلنت فيه «الهيئة العليا لمسيرات العودة» تنظيم فعالية جديدة اليوم (الثلاثاء) للمسير البحري على الحدود الشمالية للقطاع. وقالت وسائل الإعلام العبرية، مساء أمس، إن دفعة جديدة من البالونات الحارقة أطلقت من غزة، وشوهدت في سماء مستوطنتَي «شاعر هنيغف» و«سديروت». وفي وقت متزامن، من المقرر أن تصل الدفعة الرابعة من المنحة القطرية التي خُصّصت لدعم الأسر الفقيرة (بعدما كانت للرواتب الشهر الماضي) إلى غزة الأسبوع المقبل، وستدخل كالمعتاد مع السفير محمد العمادي، وفق مصادر تحدثت إلى «الأخبار». إلى ذلك، أعلنت وزارة الداخلية في غزة، أمس، «استشهاد فلسطينيين اثنين اختناقاً بغازات سامة داخل نفق فجّره الجيش المصري» جنوب القطاع، بينهما ضابط في الشرطة كان يتفقد النفق ويبحث عن ناجين.