بعد ثمانية أسابيع على تولي غير بيدرسن، مهمة المبعوث الأممي إلى سوريا، قدّم الديبلوماسي النرويجي إحاطته الأولى أمام مجلس الأمن أمس، بعدما زار معظم الأطراف المنخرطة في الملف السوري. الظهور الأول لبيدرسن على المنبر الدولي جاء وسط «ضباب» يلفّ عدداً من تفاصيل المشهد في سوريا، من مصير «جيب داعش الأخير» و«المنطقة الآمنة» شرق الفرات، إلى منبج ومستقبل «المنطقة منزوعة السلاح» المفترضة في محيط إدلب، مروراً بمسار تشكيل «اللجنة الدستورية»، وسواها. وقد يكون لافتاً أن خطابه أشار صراحة إلى أن «الصراع لم ينته بعد»، وإلى أن «تحديات الفوز بالسلام مهولة من حيث الحجم والتعقيد»، على رغم «الإحساس المشترك بأن تطورات المعارك قد تكون بدأت بالانحسار».
أعلنت «قوات سوريا الديموقراطية» أن «الانتصار الكامل» على «داعش» سيعلن بعد أسبوع (أ ف ب )

من هذه المقاربة، ومع التفاته إلى «دور التدخّل الخارجي»، خرج المبعوث الجديد بنقاط خمس لخّصت ما سيسعى إلى تحقيقه خلال الفترة المقبلة. وهي تضمنت «تعميق الحوار بين الحكومة السورية والمعارضة لبناء الثقة في بيئة آمنة وهادئة ومحايدة»، ودفع ملف المعتقلين والمختطفين والمفقودين عبر التعاون مع «لاعبي أستانا» وجميع الأطراف، إلى جانب العمل على إطلاق عمل «لجنة دستورية متوازنة وشاملة وذات مصداقية» في أسرع وقت ممكن. ومع دعوته لإشراك «مجموعة واسعة من السوريين» خلال المضي في مسار «التسوية»، شدد على ضرورة «تعميق الحوار بين الأطراف الدولية»، ملمحاً إلى أن «وجود منتدى دولي» يجمع كل الأطراف «قد يساعد» عملية الوصول إلى حلّ.
وعلى رغم أن النقطة الأخيرة تحمل الكثير من التأويلات عن طبيعة هذا «الحوار الدولي»، كان لافتاً أنها تساوقت مع دعوة مشابهة خرجت أمس عن الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين. إذ قال الأخير إن تشكيل «مجموعة عمل» تضم «الأطراف المعنية» بالملف السوري، إلى جانب الحكومة السورية والمعارضة، قد يكون «إطاراً عملياً يبحث التسوية النهائية بعد إنهاء آخر بؤر الإرهاب في سوريا»، مشيراً إلى أن ذلك «يرتبط مع أشياء أخرى، بينها انسحاب جميع القوات العسكرية (الأجنبية) من هناك»، على حدّ ما نقلت عنه وكالة «تاس» الروسية. وجاء كلام بوتين في معرض توضيح ما قاله رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، أول من أمس، عن اتفاق مع الجانب الروسي لتشكيل «مجموعة تضم إسرائيل وروسيا وأطرافاً أخرى، للعمل على إخراج القوات الأجنبية من سوريا»، وفق ما أفادت به وسائل إعلام إسرائيلية.
أكد لافروف وجاويش أوغلو التزام بلديهما «مكافحة الإرهاب»


وإلى حين بيان مآل هذه الطروحات، ينتظر أن يشهد مطلع الشهر الجاري حراكاً ديبلوماسياً ناشطاً يناقش الملف السوري. إذ يجول وزير الخارجية الروسي، سيرغي لافروف، على كلّ من قطر والسعودية والكويت والإمارات، بين الثالث والسابع من آذار. كذلك، ينطلق في الرياض الاجتماع الدوري لـ«هيئة التفاوض العليا» غداً، على أن يستمر لثلاثة أيام، ويناقش آخر التطورات، لا سيما ملف «اللجنة الدستورية». وإلى جانب تلك النقاشات «الباردة»، يستمرّ التفاوض حول ملف الانسحاب الأميركي المفترض و«المنطقة الآمنة» المفترضة، فيما لا تزال العين على بلدة الباغوز، حيث يستمرّ خروج مدنيين وعناصر من «داعش» من دون أفق واضح لحسمٍ هناك. وقبل أن يخرج الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، أمس، ليقول إن القوات التي تدعمها بلاده استعادت كامل الأراضي من «داعش»، أعلنت «قوات سوريا الديموقراطية» أن «الانتصار الكامل» على التنظيم سيُعلن بعد أسبوع.
وفيما لم تخرج أي تفاصيل عن اجتماعات «مجموعة العمل المشتركة» التركية ــ الأميركية التي انطلقت أمس في إسطنبول، وتستمرّ اليوم، ناقش وزير الدفاع التركي خلوصي أكار، ونظيره الأميركي بالوكالة باتريك شاناهان، ملف انسحاب القوات الأميركية. وبالتوازي، أكد وزيرا الخارجية الروسي، والتركي مولود جاويش أوغلو، في اتصال هاتفي بادر إليه الأخير، «الالتزام بالنهج المشترك لمكافحة العناصر الإرهابية في سوريا».