تحول الاحتفال بالتصديق على الدستور التونسي الجديد في تونس أمس إلى منبر دولي لإطلاق المواقف، حيث تعهّد الرئيس الفرنسي، فرانسوا هولاند، دعم الحكومة التونسية الجديدة برئاسة مهدي جمعة، بينما اتهم رئيس مجلس الشورى الإيراني، علي لاريجاني، الولايات المتحدة واسرائيل بالسعي إلى جعل الثورات في العالم العربي «عقيمة»، فاستفز الوفد الأميركي الذي غادر الحفل إثر هذا التصريح. وعلى هامش الاحتفال بالدستور التونسي الجديد الذي صدّقه المجلس الوطني التأسيسي (البرلمان المؤقت) في 26 كانون الثاني الماضي، ذكر بيان لرئاسة الحكومة التونسية أن هولاند عبّر لجمعة، عن «استعداد فرنسا لدعم الحكومة في هذه المرحلة الجديدة من تاريخ تونس»، مضيفاً أن بلاده «لن تدّخر جهداً» في دعم التعاون الثنائي مع تونس في مختلف المجالات. وفي كلمته التي ألقاها، أمام الرئيس التونسي محمد المنصف المرزوقي، ونواب المجلس التأسيسي وأكثر من 27 وفداً من مختلف دول العالم، أشاد الرئيس الفرنسي بالدستور التونسي الجديد الذي يُعتَبر «نتاج توافق وجهد مشترك، كذلك فإنه يؤكد التوافق بين الإسلام والديموقراطية»، لافتاً إلى تخصيص بلاده 500 مليون يورو (نحو 677 مليون دولار) لدعم المشاريع التنموية في تونس.
أما لاريجاني، فقال خلال الاحتفال: «علينا أن نراقب الدول التي تحصل فيها ثورات، وقطع يد الدول المستكبرة»، مضيفاً أن «هناك أيادي أميركا واسرائيل اللتين حاولتا جعل هذه الثورات عقيمة، وتحريفها لكي تستفيد إسرائيل».
وتابع أن «الحل هو المقاومة والوحدة بين الأمّة الإسلامية».
في هذا الوقت، قال نواب في البرلمان التونسي حضروا الاحتفال للصحافيين، إن الوفد الأميركي غادر قاعة البرلمان إثر خطاب لاريجاني.
وفي بيان صادر عن الرئاسة التونسية، ذكر أن المحادثات التي جمعت الرئيس التونسي، ورئيس البرلمان الإيراني أول من أمس في قصر قرطاج الرئاسي، في العاصمة، تمحورت حول سبل دعم العلاقات التونسية ــ الإيرانية، والارتقاء بها إلى مستوى العلاقات السياسية، والاقتصادية القائمة بين البلدين.
من ناحيته، قال رئيس البرلمان التركي، جميل تشيشيك، إن الدستور التونسي الجديد يضمن لكل التونسيين كافة الحقوق والحريات من دون تفريق.
وأضاف: «لقد أظهرت تونس للعالم ثقافة السلام، وتستحق كل التقدير، والثناء، وتجربتها هذه نموذج جديد في المنطقة يحتذى به».
بدوره أكّد رئيس مجلس الاتحاد الأوروبي، هرمان فون رومبوي، إعجابه بالمسار الانتقالي الديموقراطي في تونس وتجربة الثورة التونسية «المميّزة»، لافتاً إلى دعم الاتحاد الأوروبي الدائم للتجربة التونسية. وكان رئيس المجلس التأسيسي، مصطفى بن جعفر، قد قال في كلمته الافتتاحية: «إن وثيقة الدستور الجديد، سيتم نشرها في الجريدة الرسمية يوم 10 شباط الجاري».
وتنصّ المادّة 147 من الدستور الجديد على أنّه يدخل حيّز النّفاذ فور نشره في عدد خاصّ في صحيفة «الرائد الرسمي» (الجريدة الرسمية)، بعد أن يقوم رئيس المجلس التأسيسي، بإعلان تاريخ النشر مسبقاً.
وأشاد رئيس المجلس بالدستور الجديد، مشيراً إلى أن التصديق عليه «دليل على عمق القواسم المشتركة بين التونسيين، وإرادة العيش المشترك بين أبناء الوطن الواحد».
وأضاف أن «الثورة التونسية تعدّ ثورة متفرّدة، ومتميزة عن باقي الثورات العربية بالروح الثورية، وأشكال النضال السلمي، ونموذج للانتقال الديموقراطي في بلد عربي مسلم، سيكون مرجعاً بحق لدول المنطقة العربية كلّها».
إلى ذلك، أعلن محافظ البنك المركزي التونسي، الشاذلي العياري، أن بلاده تعتزم لأول مرة إصدار سندات أجنبية بنحو 1.8 مليار دولار بضمان أميركي وياباني وصكوك إسلامية بقيمة 435 مليون دولار خلال العام الحالي.
(أ ف ب، الأناضول)