في كل السيناريوات الانتخابية الإسرائيلية، من المستبعد أن يتمكن تكتل «أزرق – أبيض» برئاسة رئيس هيئة الأركان السابق بني غانتس من تأليف حكومة تستند إلى الأحزاب اليهودية، من دون أيّ من أحزاب ما يُطلق عليه «معسكر اليمين». لكن رهان غانتس الأساسي يتركز على تشكيل كتلة مع الأحزاب العربية تمنع رئيس الحكومة الحالي بنيامين نتنياهو من تأليف حكومة يمينية. إلا أنه حتى لو تشكّلت هذه الكتلة المانعة، فإن فرص تشكيل ائتلاف حكومي في إسرائيل يعتمد على أصوات الأحزاب العربية تبدو معدومة.في هذه الحالة، ستتشكّل خارطة موازين قوى في الكنيست، من أبرز معالمها عجز معسكر الائتلاف الحكومي الحالي، ومعه «إسرائيل بيتنا»، عن تأليف حكومة، بفعل عدم حصوله على الأغلبية في الكنيست. وفي المقابل، سيكون تحالف غانتس وبقية الأحزاب المعارضة لنتنياهو من الوسط واليسار، عاجزين أيضاً عن تأليف حكومة تستند إلى أغلبية يهودية (من دون أعضاء كنيست عرب). وبالنتيجة، ستكون إسرائيل أمام أزمة سياسية حكومية، يبدو فيها كلّ من المعسكرات عاجزاً عن تأليف حكومة بمعزل عن مشاركة أيّ من أحزاب المعسكر المقابل.
يشكل هذا السيناريو كابوساً يحضر بقوة في حسابات نتنياهو وبقية أطراف معسكر اليمين. وعلى هذه الخلفية، تنصبّ جهوده، بالدرجة الأولى، على أن يحصل معسكر اليمين على أغلبية تمكّنه من تأليف حكومة، حتى لو لم يحتلّ فيها حزب «الليكود» المرتبة الأولى على الساحة الحزبية عموماً (بالطبع الأفضل له أن ينال المرتبة الأولى أيضاً)، وهو ما سيحول دون تشكيل الطرف المقابل كتلة مانعة تسمح له بالابتزاز والمساومة على تركيبة الحكومة المقبلة.
أما في حال فشل نتنياهو في تحقيق ما يطمح إليه، وعجز تكتل «أزرق ــ أبيض» عن تأليف حكومة بمعزل عن أيّ من الأحزاب اليمينية، وفي ظلّ رفض غانتس وحزب «العمل» المشاركة في حكومة برئاسة نتنياهو، فسيكون على قادة إسرائيل البحث عن حلول إبداعية للخروج من الطريق المسدود. وتتراوح هذه الحلول بين تراجع طرف من الأطراف عن سقف المواقف التي أعلنها وألزم نفسه بها، من قبيل انضمام حزب «كولانو» و«إسرائيل بيتنا» إلى حكومة برئاسة غانتس، أو انضمام أيّ من أحزاب معسكر الوسط إلى تحالف حكومي برئاسة نتنياهو، أو تأليف حكومة برئاسة تناوبية بين نتنياهو وغانتس، أو تأليف حكومة وحدة برئاسة شخصية أخرى غير نتنياهو من داخل «الليكود»، وهو ما يفرض التساؤل عمّا إذا كان نضج الوضع داخل «الليكود» للبحث عن شخصية بديلة تملك الجرأة للتصدّي لنتنياهو.
وعلى سبيل المقارنة، فقد سبق أن تحقّق سيناريو مشابه في ثمانينيات القرن الماضي، عندما ألّف حزب «الليكود»، برئاسة إسحاق شامير في حينه، مع حزب «العمل» برئاسة شمعون بيريس، حكومة وحدة وطنية (1984 -1988)، نتيجة عجز كلّ من معسكرَي اليمين واليسار عن تأليف حكومة من لون واحد. مع ذلك، فإن الوضع الحالي غير مشابه لما كان عليه في الثمانينيات، لجهة أن حزبَي «العمل» و«أزرق – أبيض» أعلنا بشكل صريح ومباشر أنهما لن يشاركا في حكومة برئاسة نتنياهو، على خلفية اتهامه بالرشوة والاحتيال وخيانة الأمانة.
يبقى سيناريو أخير يتصل باليوم التالي لتأليف نتنياهو حكومة يمينية برئاسته، إذ يُرجَّح ـــ والحال هذه ــــ أن تتفكّك حكومته بعد بضعة أشهر، في أعقاب قرار المستشار القضائي للحكومة، بعد استماعه إلى شهادة نتنياهو كما ينصّ القانون، تقديم لوائح الاتهام بشكل رسمي. عندها، سيكون من الصعب جداً على نتنياهو الحفاظ على الحكومة، نتيجة انسحاب بعض أطرافها تحت شعار صعوبة الاستمرار في حكومة ترأسها شخصية ستحاكَم بتهمة الرشوة، هذا إذا لم نفترض إمكان صدور قرار من المحكمة العليا يسلبه حق الاستمرار في منصبه.