حمص | أُجلي أمس 459 مدنياً من أحياء حمص القديمة في اليوم الرابع على بدء الهدنة بين المسلحين والجيش، التي خُرقت أكثر من مرة، بعد تمديد المهلة المحددة ثلاثة أيام، ليصل عدد المدنيين الذين غادروا المنطقة إلى أكثر من 1100، بحسب مصادر رسمية و1600 بحسب الأمم المتحدة. النيّة بإخراج المدنيين من قبل القيّمين على العملية كانت أكبر من الجدل القائم، ومن الجهود المبذولة لإحباط المهمة الإنسانية التي شغلت بال الرأي العام في سوريا والعالم.
إطلاق النار على متطوعي الهلال الأحمر من قبل المسلحين، لم يفقد المشاركين الحماسة للاستفادة من الفرصة لإخراج أكبر عدد ممكن من المدنيين. محاولات المسلحين لضرب مواقع الجيش السوري في المنطقة كادت تنهي الاتفاق، لولا التزام الجيش ضبط النفس طوال الساعات المحددة للهدنة، وفق تصريح مصدر عسكري لـ«الأخبار». الاتفاق بين الحكومة السورية والأمم المتحدة نصّ على إخراج الأطفال والنساء وكبار السن دون قيد أو شرط. المفاجأة كانت أول أمس بخروج 611 مدنياً، بينهم 150 رجلاً دون سن 55 عاماً بما يخالف الاتفاق، ما أدى إلى ترتيبات جديدة، إذ لا بد من إجراء تسويات فورية لأوضاع الشبّان. التخوف لدى عائلاتهم كان كبيراً، إلا أن الجهات الأمنية عالجت الأمر سريعاً بوضع هؤلاء مع عائلاتهم في أحد مراكز الإيواء، ريثما تنتهي التسوية المطلوبة، خلال مدة لا تتجاوز 24 ساعة، حسب مصدر أمني. أولى النساء الواصلات بدأت بسؤال المعنيين عن مصير شقيقيها اللذين استقلا سيّارة أُخرى للأمم المتحدة في طريقها إلى المكان. الرد الرسمي جاء مطمئناً، فتشجع الخارجون إلى إرسال أخبارهم «الجيدة» إلى أقاربهم في الداخل تشجيعاً لهم على الخروج، وهذا ما دعا إلى تمديد المهلة المحددة ثلاثة أيام أُخرى لإخراج المدنيين جميعهم، والذين وجهوا عدة نداءات تعلن رغبتهم في الخروج.
لم يتم إجلاء المدنيين على دفعات كما في اليومين الفائتين، بل خرجوا جميعاً في سيارات منظمتي الأمم المتحدة والهلال الأحمر. إحدى النساء خرجت مع زوجها وأطفالها الخمسة. تذكر المرأة لـ«الأخبار» تفاصيل المشهد الأخير الذي احتفظت به من حيها القديم، إذ تدخّل مسلحون لمنعهم من الخروج في اللحظة الأخيرة. وتتابع: «رجل وزوجته تحدياهم، مؤكدَين أنهما سيخرجان، ولو واجهوهما بالرصاص». وبحسب المرأة، فقد ركض الرجل نحو الحاجز ورمى بنفسه أرضاً، باتجاه فريق الأمم المتحدة الذي تلقفه أعضاؤه وساعدوه على العبور. المشهد شجع بقية المدنيين للاندفاع بشكل جماعي نحو الحاجز والخروج. استقبال المدنيين جاء، كالعادة، بتقديم وجبات خفيفة لهم، والتكفّل بإيصالهم إلى حيث يقيم أقاربهم في عدد من أحياء حمص. 235 طفلاً بين المدنيين الخارجين نالوا لقاحاتهم اللازمة، بفضل العيادات المتنقلة التي كانت مجهّزة لاستقبالهم.
وحملت أحداث اليوم الثاني من عملية الإجلاء عناوين أبرزها: استهداف فريق الهلال الأحمر من قبل المسلحين، ما أدى إلى إيقاع عدد من الجرحى. كذلك انعكس خلاف المسلحين في ما بينهم سلباً على ظروف دخول فريق الأمم المتحدة، وهذا ما سبّب تأخير خروجهم من الحي بعد إدخال بعض المساعدات لمدنيين لم يستطيعوا الخروج. تأخير خروج المواطنين المسيحيين كان سببه «أوضاعهم الصحية»! الطريق الوحيد للعبور بين الحميدية نحو جورة الشياح غير مؤهل للسير، ما أعجز كبار السن عن المرور، بحسب مصادر من المنطقة. ويتوقع خروج 17 مدنياً من مسيحيي بستان الديوان، أخيراً، وبعد طول انتظار، إلا أن عدد الخارجين لم يتجاوز 10 أشخاص.

يمكنكم متابعة مرح ماشي عبر تويتر | @marah_mashi