نهاية ولاية بوتفليقة في ظلّ تأجيل الانتخابات ستضع الجزائر أمام حالة فراغ دستوري
أما الضربة الأخرى التي تلقاها الرئيس ودائرته الضيقة، فقد جاءت من أكبر النقابات العمالية ومنظمات رجال الأعمال المساندة له. ونشر الاتحاد العام للعمال الجزائريين بياناً في هذا الصدد، أعلن فيه دعمه لمطالب الشعب والعمل على تجسيدها، وهو تحول لافت من تنظيم يقوده أحد أكبر مساندي بوتفليقة على الإطلاق. وسبق لكبير النقابيين، عبد المجيد سيدي السعيد، أن صرح قبل فترة بأن الانتخابات الرئاسية مسألة شكلية فقط، وأن الرئيس سيفوز بولايته الخامسة لا محالة. الصورة نفسها طبعت «منتدى رؤساء المؤسسات»، وهو تنظيم رجال الأعمال من الأثرياء الجدد، الذين بنوا ثرواتهم في فترة الرئيس بوتفليقة. فقد أعلن رئيسه، علي حداد، أنه يدعم الحراك الشعبي، في تنصل واضح من صداقة شقيق الرئيس، التي كان يحرص على إظهارها في كل المناسبات. وكان هذا التنظيم قد أعلن في بداية العام دعم الولاية الخامسة، وجمع مبالغ طائلة لتنظيم الحملة الانتخابية، إلا أن الحراك الشعبي المباغت جعل الكثير من أعضائه يقررون الانسحاب.
وفي ظلّ هذه الظروف، توالت أنباء عن أن الرئيس سيعلن عبر رسالة جديدة، اليوم الخميس، انسحابه من الرئاسة في نهاية عهدته الحالية يوم 28 نيسان/ أبريل المقبل. وذكر موقع «ألجي 24»، المعروف بقربه من الرئاسة، أن هذا القرار اتُّخذ بسبب غياب التجاوب الشعبي مع خريطة الطريق التي عرضها الرئيس في رسالته يوم 11 آذار/ مارس. لكن ما نشره الموقع المذكور يبقى غير مؤكد، في ظلّ تصريحات وزير الخارجية، رمطان لعمامرة، المتتالية، وآخرها من برلين أمس، حيث أكد أن الرئيس بوتفليقة لن يرحل إلا عندما يسلّم السلطة للرئيس الجديد.
وتبرز تخمينات عدة إزاء ما سيفعله الرئيس ومحيطه إذا استمر الحراك الشعبي، تشي بأن أمام الرئاسة خيارين: إما إعلان استقالة بوتفليقة الآن، أو الانتظار إلى نهاية ولايته. لكن الخيار الأول يبدو مستبعداً، رغم أنه لن يمثل انتقاصاً من قيمة بوتفليقة، الذي لا يريد أن يخرج من الباب الضيق. لكن الإشكال في أن الخيار الثاني سيضع الجزائر أمام حالة فراغ دستوري، لا يُعلم كيف يجري التعامل معها؛ إذ لا ينظم الدستور في مواده حالة خروج الرئيس من دون إجراءات انتخابات تعوضه، وهو ما ينطبق على الوضع الحالي بعد إلغاء انتخابات 18 نيسان/ أبريل.
ولتجاوز هذا الإشكال، تدفع بعض شخصيات المعارضة باتجاه أن يُعين الرئيس بوتفليقة في هذه الفترة، قبل انسحابه، شخصية بإمكانها التفاوض باسمه مع النشطاء في الحراك والنقابات ومنظمات المجتمع المدني والأحزاب، لتشكيل هيئة رئاسية تتكون من شخصيات، بإمكان الرئيس أن يسلمهم كرسي الرئاسة بعد رحيله. وتشير مصادر «الأخبار»، في هذا الصدد، إلى أن بعض الأسماء مطروحة فعلاً على الطاولة، على غرار رئيسَي الحكومة السابقَين أحمد بن بيتور، ومولود حمروش، ووزير الخارجية السابق أحمد طالب الإبراهيمي، الذي قد يرفض بسبب متاعبه الصحية، وأيضاً الرئيس السابق إليامين زروال، الذي لا يزال يتمتع بالشعبية. كذلك، هناك من يقترح اللواء المتقاعد رشيد بن يلس، الذي برز اسمه معارضاً في السنوات الأخيرة. وفي حال قبول هذا الاقتراح، سيكون على عاتق هذه الهيئة الرئاسية إجراء مشاورات لتشكيل حكومة تكنوقراطية لتصريف أعمال الدولة، ثم العمل على ترتيب المرحلة الانتقالية في ظرف زمني يراوح بين 6 و12 شهراً، من خلال إنشاء هيئة مستقلة لتنظيم الانتخابات، وإعادة صياغة قوانين الانتخاب، لضمان أن تكون الانتخابات الرئاسية المقبلة نزيهة ومعبّرة عن خيار الشعب.