من الحديقة الجنوبية في البيت الأبيض في واشنطن، أعلن الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، ليل الأربعاء ـــ الخميس موعداً للقضاء على آخر معاقل تنظيم «داعش» في منطقة الباغوز، في أقصى الريف الشرقي لمحافظة دير الزور، على الضفة اليسرى لنهر الفرات. يأتي ذلك بعد معارك ضارية استمرت أشهراً، بين مقاتلي التنظيم المنتشرين في المنطقة، ومقاتلي «قسد» المدعومين أميركياً. ولا يخرج إعلان ترامب عن دائرة المتوقع، في ظلّ الهجوم العنيف والطويل الذي شنّته «قسد» بمعاونة الطائرات الأميركية، التي كثّفت ضرباتها على ما بقي من تجمعات للتنظيم المتهالك. وأعلن الرئيس الأميركي موعده المتجدد بنوع من الاستعراض الإعلامي؛ إذ عمد إلى رفع خريطتين، إحداهما تمثل الوضع الحالي لتنظيم «داعش» (عناصر قلة مختبئون في حوض النهر)، والثانية قال إنها من ليلة الانتخابات التي أصبح عبرها رئيساً، وتظهر سعة انتشار التنظيم في سوريا والعراق، وذلك بحسب ما نقلته قناة «CBS news» الأميركية.وفي خلاصة هذا الاستعراض، جاء الإعلان الأهم، المباشر والصريح، عن أن بلاده ستبقي على قرابة 400 جندي في شمال شرق سوريا، في مرحلة ما بعد «داعش»، علماً أن التفويض الممنوح للجيش الأميركي من «الكونغرس» للدخول إلى سوريا كان تحت عنوان المشاركة في «التحالف الدولي لمحاربة داعش»، وبالتالي يفترض أن ينتهي مع انتهاء التنظيم. لكن إدارة ترامب ستعمد في المرحلة المقبلة، وفق ما أوحت به تصريحات المسؤولين أخيراً، إلى رفع لافتة الخطر الأمني، وإمكانية انبعاث التنظيمات الإرهابية مجدداً، من أجل شرعنة البقاء في سوريا، وإسكات الأصوات المعارضة في «الكونغرس».
فرنسا لا تملك أجوبة عن أسئلة وجّهتها إلى واشنطن بخصوص شرقيّ الفرات


وبعيداً من الاعتبارات الداخلية الأميركية، يضع إعلان ترامب الأخير حدّاً للجدل في شأن انسحاب الولايات المتحدة، بتأكيده أن قواته باقية شرقي الفرات، وهو ما يعيد طرح علامات الاستفهام المتصلة بكيفية تعامل مختلف الأطراف المعنية بهذه المنطقة مع ذلك الوجود، وإرادة واشنطن تكريسه وإدامته. في هذا الإطار، بدت لافتة النبرة العالية التي طغت على اجتماع قادة أركان الجيوش الإيرانية والعراقية والسورية في دمشق قبل أيام، حيث تمحور الحديث حول الحدود والمعابر وسبل مواجهة التحديات المشتركة، التي يتصدّرها إمساك الأميركي بالحدود جنوباً عند التنف، وفي الشمال الشرقي بعد الفرات حتى الحدود مع تركيا. ومن هنا، يبدو أن الكباش الرئيس في المرحلة المقبلة سيكون «الإمساك بالحدود»، وهو ما قد يفتح الباب على ما كان تجنّبه الجميع إلى الآن، أي الصدام مع الأميركيين. والجدير ذكره، هنا، أنه عقب يوم من اجتماع قادة الجيوش الثلاثة، زار العاصمة السورية، أول من أمس، وزير الدفاع الروسي سيرغي شويغو، الذي جاء إلى الرئيس بشار الأسد حاملاً رسالة من الرئيس فلاديمير بوتين، بحسب ما أعلنت وزارة الدفاع الروسية في بيان.
من جهته، قال وزير خارجية فرنسا، جان إيف لو دريان، أمس، إن بلاده لم تتلقَّ أي ردود على أسئلتها في شأن مطالب الولايات المتحدة من باريس وآخرين، في ما يتصل بالمساعدة في تأمين شمال شرق سوريا. وقال لو دريان: «ذهبت (وزيرة الدفاع الفرنسية) بارلي إلى الولايات المتحدة لإجراء محادثات مع الأميركيين، والحصول على ردود على أسئلة مختلفة مثل: هل سيُبقى على وجود عسكري أميركي؟ ما مدى وجوده وحدوده؟ ماذا ستكون المهمة؟ وما الإمكانات والقدرات؟»، مستدركاً بـ«(أننا) لم نحصل على أجوبة حتى الآن... على أساس هذه المعلومات التي لم نحصل عليها بعد، سيحدد الرئيس (إيمانويل ماكرون) إمكانية وجود مساهمة فرنسية».