أياً كانت العناوين والقضايا التي سيبحثها رئيس حكومة العدو الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، خلال لقائه الرئيس الأميركي دونالد ترامب، بدا أن المنسوب الانتخابي هو الأكثر حضوراً في خلفية واهتمامات نتنياهو الذي يواجه استحقاقاً سوف يكون له أثره الكبير في مستقبله السياسي والشخصي. ومع أن العناوين والقضايا متعددة بين الطرفين، فإن الجولان استطاع أن يحتل صدارتها على المستويين السياسي والإعلامي.على وقع مفاعيل إعلان الاعتراف بالسيادة الإسرائيلية على الجولان، ومن ثم التوقيع عليه اليوم (الإثنين)، يعقد نتنياهو سلسلة لقاءات مع المسؤولين الأميركيين أبرزها مع ترامب. ومع أن قضية الجولان ستكون الأكثر حضوراً وفي الصدارة، تبقى عناوين أخرى تحظى باهتمام الطرفين: من مواجهة التمركز الإيراني في سوريا، وتمدد النفوذ الإقليمي للجمهورية الإسلامية، إضافة إلى التعاون الوثيق بين الطرفين، بالإضافة إلى العلاقات الصينية ــــ الإسرائيليّة المتزايدة، خصوصاً في ميناء حيفا الذي ترسو فيه عادةً قطع للبحرية الأميركيّة، إذ سبق أن أعرب أكثر من مسؤول أميركي عن قلق واشنطن من تنامي هذه العلاقة.
يؤشر موقف ترامب من السيادة في الجولان، في السياق والتوقيت الإسرائيليين، على أكثر من عنوان يتصل بمستوى عمق العلاقة بين واشنطن وتل أبيب. فهو يكشف عن مستوى نفوذ الصهيونية في دوائر صنع القرار الأميركي. ومع ذلك، يتجاوز الصراع مع إسرائيل في أبعاده ونتائجه مواجهة كيان توسعي استيطاني يهدد فلسطين والمنطقة إلى كونه أيضاً كياناً أدواتياً للولايات المتحدة في صراعها مع شعوب ودول المنطقة.
تأتي هذه الزيارة في ذروة الحملة الانتخابية وما تمثله لنتنياهو


وسبق لنتنياهو أن شبَّه إسرائيل بحاملة طائرات في المنطقة، خلال زيارته إلى حاملة الطائرات الأميركية «جورج بوش» خلال زيارتها لميناء حيفا (تموز/يوليو 2017). ولكن هذا الكيان بهذه الصفة (إسرائيل) مدعوم بنفوذ صهيوني عالمي يصل إلى حد التغلغل في مفاصل الإدارة الأميركية. رغم ذلك، هذه العلاقات الخاصة والاستثنائية، التي لا شبيه لها، بين الولايات المتحدة وأي دولة أخرى في العالم، تتأثر أيضاً تحت هذا السقف بالتطورات التي تشهدها المنطقة والعالم بهذا الاتجاه أو ذاك.
على المستوى الإعلامي الإسرائيلي، حضرت الزيارة من زوايا متعددة؛ فقد وصفت صحيفة «يسرائيل هيوم» القمة بين ترامب ونتنياهو بأنها «قمة الجولان». ومع أن الأكثر حضوراً إسرائيلياً هو البعد المتصل بما يخدم نتنياهو، فإن المعلق السياسي حيمي شاليف، في صحيفة «هآرتس»، رأى أن هذه الزيارة تخدم أيضاً ترامب في مواجهة تقرير المحقق الخاص، روبرت مولر، الذي من المتوقع أن تعلن نتائجه، وكذلك بالدعم المرتقب الذي يتوقع أن يقدمه نتنياهو إلى الرئيس الأميركي في أكثر من محطة لاحقة.
في السياق نفسه، ركزت «هآرتس» على موضوع الاستثمارات الصينية في إسرائيل، والتي تشكل إحدى القضايا الإشكالية بين الطرفين، وقد سبق لباحثين أميركيين أن أوصوا واشنطن بمساعدة تل أبيب في إنشاء آلية لمراقبة التكنولوجيا والاستثمارات الصينيّة في إسرائيل، بالإضافة إلى أن تضاعف الولايات المتحدة دورها في مراقبة الاستثمارات الصينيّة لمنع الإضرار بمصالحها أمنياً.
من جهة أخرى، تأتي هذه الزيارة في ذروة الحملة الانتخابية الإسرائيلية. وقبيل توجهه إلى واشنطن، عرّج نتنياهو على استوديوات التلفزيون وهو في طريقه إلى المطار، قائلاً إنه «يريد تفجير كل هذه الفرية الدموية» المتصلة بقضية الغواصات التي عادت إلى الواجهة من جديد، إذ يسعى حزب «أزرق أبيض» إلى الدفع بقضية الغواصات نحو الصدارة، في مقابل اختراق هاتف رئيس الحزب بني غانتس الذي يركز عليه نتنياهو و«الليكود» للتشكيك في جدارته في تولي منصب رئاسة الحكومة.
حول ذلك، اعترف نتنياهو بأنه سمح لألمانيا ببيع غواصات متطورة لمصر، من دون أن يطلع وزير الأمن ورئيس الأركان على الأمر، قائلاً إن «أسبابي هي أمنية وأمنية بحتة... توجد لدولة إسرائيل أسرار يعرفها فقط رئيس الحكومة وبعض الأشخاص». وكان نتنياهو قد نفى في السابق معرفته بالأمر، قائلاً إن ألمانيا لم تطلب موافقته، لكنه عاد وقال: «بالطبع، اعترضت على بيع الغواصات عندما كان (محمد) مرسي (رئيساً) وصدّقت على ذلك عندما جاء (عبد الفتاح) السيسي»، علماً بأنه كان قد نفى أن يكون استفاد من قضية الغواصات، بالقول: «لم أحصل على شيكل واحد، هذه كذبة مطلقة».