القاهرة ــ الأخباربعد مرور 37 عاماً على فتور الروابط بينهما إثر دخول الولايات المتحدة على الخط، عادت العلاقات المصرية ــ الروسية بقوة لافتة بُعيد فتور علاقة القاهرة بواشطن، حيث لم يكتفِ الكرملن بعقد صفقة أسلحة ضخمة مع مصر، وربطها بعدة اتفاقيات تتعلق بتدريب القوات المسلحة ومكافحة الإرهاب والتعاون الاستخباري، بل ألقى بثقله وراء وزير الدفاع المصري عبد الفتاح السيسي قبل أن يترشح لمنصب الرئاسة، وكأن موسكو تعمدت أن تكون هي من يعلن ترشحه لأعلى منصب في بلاده.

وتؤكد المعلومات التي حصلت عليها «الأخبار» أن السيسي أنهى أمس في موسكو عقد صفقة السلاح التي بدأ التفاوض عليها عندما زار وزيرا الدفاع والخارجية الروسيان سيرغي شويغر وسيرغي لافروف القاهرة في 14 تشرين الثاني الماضي، حيث تمت جدولة الصفقة التي تقدر قيمتها بملياري دولار لتبدأ بالوصول على دفعات متقاربة إلى مصر.
تفاصيل الصفقة، وفق مصادر مقربة من الوفد المصري، ستشمل صواريخ «يارس» و«بولافا» لاجتياز مضادات الصواريخ «باتريوت» ووسائل المراقبة الفنية الأميركية، وصواريخ «ياخونت» مضادة للسفن مداها 300 كلم، وتعمل في أقوى ظروف التشويش والحرب الإلكترونية، وصواريخ «جي كيه 111» مضادة للدبابات، إضافة إلى مروحيات «إم أي ــ28 إن إي»، وصواريخ «إس 300» ومنظومة صواريخ «إيريس تي» للدفاع الجوي.
وكشفت المصادر المطلعة النقاب عن دور المرشح الرئاسي السابق الفريق أحمد شفيق في إتمام الصفقة، حيث كان همزة الوصل بين الجانبين المصري والروسي ومسؤول التواصل حتى إبرام اتفاقية السلاح، إضافة إلى دور مستشار وزير الدفاع لشؤون التسليح اللواء محمد العصار «مهندس الصفقة» كما وصفته المصادر، ورئيس الأركان الفريق صدقي صبحي الذي تولّى أيضاً مهمات متابعة إبرام هذه الصفقة.
وقالت مصادر قريبة من وزارة الدفاع الروسية ومجموعة روستيك العامة «إن عمليات الشراء هذه قد تموّل من السعودية التي هي على خلاف منتظم مع موسكو، خصوصاً حول النزاع في سوريا».
«يمكن اعتبارها نقطة تحول جذرية فى العلاقات المصرية الروسية»، هكذا علّق قائد الحرس الجمهوري الأسبق والخبير العسكري اللواء محمود خلف على الزيارة الرسمية التي يقوم بها السيسي ووزير الخارجية المصري نبيل فهمي لروسيا.
وأكد خلف في حديث إلى «الأخبار» أن الملف السوري وملفات بعض دول المنطقة، إضافة إلى أزمة سد النهضة الإثيوبي، ستكون من بين الأمور التي ستُبحث خلال زيارة الوفد المصري لموسكو.
وقال «إن هناك قلقاً مصرياً إزاء ما يحدث في سوريا، حليفة روسيا في المنطقة»، مضيفاً «إن مصر لها رؤية بصفتها دولة قيادة في الشرق الأوسط، وستتطرق في المحادثات مع موسكو إلى ظهور أدوار إضافية لعدد من دول المنطقة، بينها تركيا وقطر.
ولفت خلف إلى أن «البعض يعتبر سد النهضة مشكلة مصرية إثيوبية فقط»، موضحاً أن وراءه صراعاً إقليمياً، وأن هناك أطراف متداخلة كثيرة فيه، منها إسرائيل وتركيا. وفي قصر الرئاسة الريفي في نوفو أوجاريوفا قرب موسكو (إ ف ب، رويترز، الأناضول)، استقبل الرئيس الروسي فلاديمير وزير الدفاع المصري، مقدماً دعم بلاده لترشح السيسي لمنصب رئاسة الجمهورية، فيما دعا الأخير الرجل القوي في روسيا إلى زيارة القاهرة.
وقال بوتين للسيسي «أعرف أنكم اتخذتم قرار الترشح للانتخابات الرئاسية في مصر. إنه قرار مسؤول جداً تولّي مهمة من أجل الشعب المصري. أتمنى لكم باسمي واسم الشعب الروسي النجاح».
وتابع بوتين إن «استقرار الوضع في كل الشرق الاوسط يعتمد إلى حد كبير على الاستقرار في مصر. أنا مقتنع بأنه مع خبرتكم ستنجحون في تعبئة مناصريكم وإقامة علاقات مع كل شرائح المجتمع المصري». وكان وزيرا خارجية ودفاع البلدين اجتمعا وفق صيغة 2+2 كما كان مقرراً، وفي نهاية اللقاء قال لافروف «قررنا تسريع الإعداد للوثائق التي ستعطي دفعاً إضافياً للتعاون العسكري والعسكري ــ التقني».
وقال «إن المباحثات تطرقت إلى القضايا الإقليمية والدولية، وفي مقدمتها الأزمة السورية والعلاقات العربية الإسرائيلية»، لافتاً إلى أن جدول أعمال اللقاء تضمن مكافحة الإرهاب.
وكشف لافروف أن المباحثات تناولت مشكلة المياه في شمال أفريقيا، مبيناً أن المشكلة لم تعد مطروحة في مصر وحدها، بل في جميع دول المنطقة.
بدوره، أكد فهمي أن العلاقات بين البلدين تشهد زخماً، وأنهما متوافقان على ضرورة التوصل إلى حلول سلمية للأزمات التي تشهدها المنطقة والعالم، وعلى رأسها الأزمة السورية.
وكانت وكالة الأنباء الروسية الرسمية «إيتار تاس» أشارت إلى أن وزيري دفاع البلدين ركزا على تطوير التعاون العسكري بين القوات الجوية والبحرية في جيشي البلدين، ونقلت عن وزير الدفاع الروسي تشديده على أن التعاون العسكري بين روسيا ومصر يجب أن يحمل طابعاً مبنياً على أساس قانوني متين وعملي.
وفي القاهرة، بدأ المرشح للانتخابات الرئاسية حمدين صباحي بحملاته الترويجية، معتبراً من يظن أن نتيجة الانتخابات محسومة من الآن «مخطئاً». وطالب بالإفراج عن «سجناء الرأي»، منتقداً ما قال إنه معلومات مؤكدة تتردد عن «تعذيب للسجناء».
وقال صباحي، في مقابلة على قناة تلفزيونية مصرية خاصة، إنه لا يقبل أبداً «سجن أي شخص بسبب آرائه السياسية، لا سيما أن إجراءات كهذه تضعف القدرة على مواجهة جماعة الإخوان المسلمين، وتزيد من حجم التعاطف معها».
وفي السياق، قال المتحدث باسم التيار الشعبي المصري حسام مؤنس إن إعلان صباحي ترشيح نفسه في الانتخابات الرئاسية المقبلة هو «ضمانة مهمة لنزاهة الانتخابات، حتى لا تتحول الانتخابات إلى استفتاء»، رافضاً ما يتردد عن أن ترشحه جاء ليعطي الانتخابات «شكلاً ديموقراطياً».