يتجه رئيس أركان الجيش الجزائري نحو تغييرات في خريطة طريق المرحلة الانتقالية وفق المسار الدستوري، للإسراع في الوصول إلى انتخابات رئاسية تقي البلاد تداعيات فراغ محتمل مع نهاية فترة الرئيس المؤقت. وفيما يحذّر من اختراقات تدفع إلى رفض جميع المبادرات، يسعى إلى تلبية بعض مطالب الحراك الشعبي بملاحقة من سمّاهم «العصابة» في الوقت بدل الضائع.يُصرّ رجل المرحلة في الجزائر، رئيس أركان الجيش قايد صالح، على استمرار المسار الدستوري الذي ترفضه المعارضة والحراك الشعبي، لاعتبارات كثيرة، لعلّ أهمها أنه أوصل من يوصفون بـ«رموز النظام» إلى الرئاسة والحكومة لإدارة المرحلة الانتقالية. لكن قايد صالح له اعتبارات أخرى تحدث عنها أمس، في كلمة في المنطقة العسكرية الخامسة، تتعلق بتفادي الفراغ الدستوري المحتمل بعد انتهاء مدة الرئيس المؤقت، عبد القادر بن صالح، المحددة وفق الدستور بثلاثة أشهر، بحسب المادة 102، إذا لم تُجرَ خلالها انتخابات رئاسية.
وبلهجة غير مسبوقة وأكثر وضوحاً، حذّر قايد صالح من أن الفراغ الدستوري هو أحد «المخططات المعادية»، الرامية إلى «الزج بالبلاد في متاهات الفوضى وزعزعة استقرارها»، مذكّراً بأطراف سبق أن تحدث عنها من دون تسميتها، عملت على اختراق المسيرات الشعبية بالقول إن «هذه الأزمة افتُعِلَت بهدف زرع بذور عدم الاستقرار في الجزائر، من خلال خلق بيئة مناسبة للفراغ الدستوري»، معتبراً أن «هؤلاء الذين سبّبوا عن قصد نشوبَ هذه الأزمة، هم أنفسهم من يحاولون اليوم اختراق المسيرات، ويلوّحون بشعارات مشبوهة ومغرضة يحرضون من خلالها على عرقلة كافة المبادرات البناءة التي تكفل الخروج من الأزمة». ولتفادي حالة الفراغ، مهّد قايد صالح، أمس، لتغيير في خريطة الطريق ضمن المسار الدستوري، بدعوته إلى تنظيم «انتخابات في أقرب وقت ممكن»، في إشارة إلى عدم تمسكه بموعد الرابع من تموز/ يوليو المقبل لإجراء الانتخابات، الذي كان قد حدده الرئيس المؤقت عبد القادر بن صالح.
من المحتمل أن تشمل حملة مكافحة الفساد السعيد بوتفليقة بعد أويحيي


وحتى تنظيم الرئاسيات، التي اعتبرها «الحل الأمثل للخروج من الأزمة»، يتجه قائد الجيش في الوقت بدل الضائع إلى تلبية بعض مطالب المتظاهرين المتعلقة بمحاسبة الفاسدين ورجال الأعمال، خصوصاً منهم رموز نظام الرئيس عبد العزيز بوتفليقة، التي جددوها أمس بشعارات غير مسبوقة من سبيل «الشعب يريد محاسبة (رئيس الوزراء السابق أحمد) أويحيى و(شقيق الرئيس السابق ومستشاره) السعيد (بوتفليقة)»، في مسيرات طلبة الجامعات الأسبوعية (كل ثلاثاء). ويتزامن ذلك مع حملة بدأت قبل أسبوعين، مستهدفة وزراء سابقين وحاليين وبرلمانيين سبق أن وصفهم رئيس الأركان بـ«العصابة»، ومن بينهم أويحيى، الذي مَثَل أمس أمام قاضي التحقيق لمحكمة سيدي أحمد للتحقيق معه بتهمة تبديد المال العام ومنح امتيازات غير مشروعة. وسبق أويحيى إلى المحكمة، أول من أمس، الرئيس السابق للأمن الوطني، اللواء المتقاعد عبد الغني هامل، بتهم أنشطة غير مشروعة، واستغلال النفوذ، ونهب العقارات، وسوء استخدام الوظيفة، وأيضاً المحافظ السابق لبنك الجزائر ووزير المالية الحالي في حكومة نور الدين بدوي، محمد لوكال، الذي يواجه تهماً تتعلق بقضايا تبديد المال العام ومنح امتيازات غير مشروعة.
في ضوء ذلك، أكد قايد صالح دعمه لهذه الحملة أمس، مقدّماً «الضمانات الكافية للجهات القضائية لكي تتابع... دون قيود ولا ضغوطات»، لكنه لم يخف دوره في فتح ملفات الفساد بالكشف عن أنه قدم إلى العدالة معلومات مؤكدة عن عدة ملفات ثقيلة كانت بحوزة مصالح الدفاع الوطني، واطلع عليها هو شخصياً. ومن المحتمل أن تشمل حملة ملاحقة الفسادين، التي قال قايد صالح عنها إنها «لا تزال في بداياتها»، السعيد بوتفليقة، بعدما جرت، أمس، انتخابات حزب «جبهة التحرير الوطني» الذي ينتمي إليه شقيقه الرئيس المستقيل، وفاز فيها محمد جميعي أميناً عاماً، عقب جلسات عدة شهدت نقاشات أكد فيها الأعضاء رفضهم كل «الوجوه القديمة المرفوضة شعبياً». وبحسب عضو اللجنة المركزية لـ«الجبهة»، محمد جميعي، يعتبر سعيد بوتفليقة «الركيزة الأساسية للقوى غير الدستورية» التي تتكون من مستشارين في الرئاسة ووزراء اتخذوا القرارات باسم بوتفليقة طول مرحلة مرضه، وبرأ جميعي «مناضلي وإطارات جبهة التحرير الوطني ومؤسسات الدولة»، باعتبارهم «كانوا ضحية لهذه القوى غير الدستورية»، التي عملت على تهميش العديد من المسؤولين في الحزب، وتدخلت في إدارته، كما أكد مسؤولو الحزب في وقت سابق.