في مقابل ذلك، واجهت قوى «الحرية والتغيير» تلك التهديدات بالدعوة إلى مسيرة مليونية اليوم الأربعاء، وأصدرت عدداً من البيانات الداعية إلى الاحتجاجات، وتوسيع نطاق الاعتصامات، ولا سيما المفتوح منذ السادس من نيسان/ أبريل أمام مقرات الجيش. ورأى «تجمّع المهنيين السودانيين»، المنظم الرئيس للاحتجاجات، أن المجلس العسكري ليس جاداً في تسليم السلطة للمدنيين، فيما لم يبد «العسكري» أي علامة على استعداده للتخلي عن السلطة المطلقة. وقال المتحدث باسم «التجمع»، محمد ناجي الأصم، إن «الزمن قد تطاول، ومع تطاول الزمن صلاحيات المجلس العسكري تتمدد، وهذه خطورة كبيرة جداً على الثورة السودانية»، فيما اعتبر أحد أعضاء قوى «إعلان الحرية والتغيير»، خالد عمر، أن لـ«المجلس العسكري فرصة للمشاركة في الدولة التي نعمل عليها... ولكن قد يقودنا إلى خطر الانحراف إلى ما لا تُحمد عقباه».
قوى «الحرية والتغيير»: «العسكري» يريد خلق بلبلة بحديثه عن فتح الطرق
وفي حديث إلى «الأخبار»، اتهم الأصم، في حديث إلى «الأخبار»، المجلس العسكري، بـ«المماطلة حتى ينفرد بالسلطة»، موضحاً أنه «يريد تدعيم سلطته من خلال اتخاذ قرارات ليست من صلاحياته». وحول نقاط الخلاف في المفاوضات، أشار إلى أن «القضية الأساسية هي لِمَن ستكون السلطة، للمدنيين أم العسكريين؟».
وفي ظلّ الصراع المحتدم بين «العسكري» وقوى «التغيير»، تبرز خلافات داخل الأخيرة نفسها، كما بدا في تشديد «الجبهة الثورية السودانية» على حقها في التمثيل العادل، وقولها إن الرؤية السياسية التي قُدِّمَت إلى «المجلس العسكري» والمقترحات أمر غير متفق عليه، ولا يُمثل «نداء السودان» ولا «الجبهة الثورية» (أكدت في الوقت نفسه تمسكها بميثاق «قوى الحرية والتغيير»). أيضاً، كان لرئيس حزب «الأمة القومي»، الصادق المهدي، رأي آخر، إذ اعتبر في مقابلة مع قناة «العربية» السعودية، أنه «يُحمد للجيش أنه حمى الاعتصام من المشروع الدموي»، معتبراً أنه «لا يُريد أن يحكم»، لكنه رأى أن «مفاوضات المرحلة الانتقالية بدأت بشكل خاطئ»، وأن «المفاوضات بشأن المجلس السيادي كان يجب أن تبدأ بمناقشة صلاحياته، ويجب الاتفاق على صلاحيات مجلس السيادة السوداني، وبعدها التمثيل». وأضاف أن «هيكل المرحلة الانتقالية ينبغي أن يتكون من سلطات سيادية وتشريعية وتنفيذية وقضائية».
في الاتجاه نفسه، يحمّل بعض المحللين المؤيدين لـ«العسكري» قوى «الحرية والتغيير» مسؤولية تأزم الوضع، معتبرين أن الشد والجذب بينها وبين المجلس «طغى عليه طابع أيديولوجي» مثلما يرى المحلل السياسي حسن الساعوري في حديث إلى «الأخبار»، معتبراً أن «واحدة من مشاكل الأيديولوجيين أنهم يريدون أن يكون الآخرون على صورتهم»، في إشارة إلى أن قوى «الحرية والتغيير» تُحركها أيديولوجية يسارية، «بينما يبحث السياسيون دائماً عن التسوية والمساومة والوصول لحل وسط». وفي ما يشبه تبريراً لتهديدات «العسكري»، يعتقد الساعوري أن «المجلس يواجه ضغوطاً، ولا يُمكنه أن يظل يُطلق الوعود في الهواء، كوعده بفتح الطرق وممر القطار، ويظل عاجزاً، ويصبح القانون بيد الأفراد».
لكن قوى «الحرية والتغيير» تعتبر أن «العسكري» يريد «خلق بلبلة بين المعتصمين بحديثه عن فتح الطرق وإزالة الحواجز والمتاريس»، بحسب ما قال الأصم، منبهاً خلال مؤتمر صحافي أمس إلى أن «الخيارات مفتوحة لأن التفاوض لن يستمر للأبد». وخلال المؤتمر نفسه، حذّر القيادي في التحالف المعارض، خالد يوسف، «العسكري»، من «محاولة تكرار تجربة النظام السابق»، فيما أكد القيادي مدني عباس مدني أن الشعب السوداني «انتصر على نظام البشير الباطش، ولن تجدي معنا لغة التخويف»، واتهم «العسكري» بأنه «أول من قام بالتصعيد من خلال مؤتمراته الصحافية».