يبدو أن تاريخ 14 شباط مرشح بقوة ليحصل على لقب «اليوم الحاسم في تاريخ الشرق الأوسط». لا يرتبط الأمر طبعاً بالفالانتاين، ولا بذكرى اغتيال رئيس وزراء لبنان الأسبق رفيق الحريري، بل بإعلان أسعد مصطفى أمس الجمعة استقالته، إذ قرر الرجل التخلي عن مسؤولياته «التاريخية» في وقت مفصلي من عمر الأزمة السورية. ليخطف نبأ استقالته الأضواء من أخبار الانقلاب في ليبيا ونفي حدوثه. ومن محادثات «جنيف 2» واحتمالاتها. ومن كل التطورات الميدانية في الحرب السورية.
قال الرجل في رسالة استقالته التي وجهها إلى «فخامة» رئيس الائتلاف السوري المعارض إنه قرر الاستقالة «بعدما وجدت أن جهودنا التي تبذل لا تساوي شيئا أمام عظمة التضحيات التي يقدمها الثوار، ولا تستجيب للحد الأدنى من متطلباتهم». ولم ينسَ تضمين رسالته ما يفي «أصدقاء الثورة» حقهم، فقال: «هذا في الوقت الذي يبذل فيه أشقاؤنا في المملكة العربية السعودية وقطر والكويت ودولة الإمارات العربية المتحدة وتركيا والأردن مشكورين جهودا حثيثة ساهمت في حماية الشعب السوري في محنته واستمرار الثورة وتجذرها». وسارع عضو «الائتلاف» برهان غليون، إلى التعبير عن أسفه لاستقالة مصطفى، وقال إن الائتلاف «كان يحتاج إلى خبراته»، مؤكداً أن وراء الاستقالة «خلافات في الاستراتيجية بين أعضاء الائتلاف. والتجمع الوطني الحر للعاملين في مؤسسات الدولة السورية».
وأسعد مصطفى هو «وزير الدفاع في الحكومة السورية المؤقتة». وصاحب «تاريخ نضالي طويل»، وحافل بـ «المعارضة». وهو من أبناء قرية حيالين في ريف حماه الغربي. يحمل إجازة في اللغة العربية. عمل موجِّها في إحدى مدارس السقيلبية في حماه، قبل أن يصبح عضواً في مجلس الشعب عن منطقته. ثم محافظاً لحماه بين عامي 1985 و1992. ثم وزيراً للزراعة حتى عام 2001. وبعد انتهاء مهماته الوزارية انتقل ليعمل مستشاراً لوزير الزراعة الكويتي. وبعد اندلاع الأزمة بشهور طويلة قرر مصطفى الكشف عن معارضته الكامنة، عبر بعض التصريحات. وفي كانون الأول 2012 أعلن من عمّان، مع «مناضلين» آخرين إنشاء «التجمع الوطني الحر للعاملين في مؤسسات الدولة السورية». ليطرح اسمه في 2013 كمرشح لرئاسة «الحكومة المؤقتة»، لكن أحمد طعمة سبقه إلى الفوز بالمنصب. وعُين مصطفى وزيراً للدفاع، كما أسندت إليه «حقيبة الداخلية» في «الحكومة» التي أُلّفت في تشرين الثاني الماضي. حسناً؛ استقال مصطفى أيها السوريون، فانظروا ماذا أنتم فاعلون من بعده.