ألحقت الجولة الثانية من محادثات «جنيف 2» بزميلتها الأولى. نسخة «طبق الأصل» عن مفاوضات لم ينجح وسيطها الأخضر الإبراهيمي في فرض جدول أعمال لها. أمس، خرج الوفدان ليقولا: فشلنا... بسبب الطرف الآخر، وسط صمت الموفد الأممي وعدم وضوح ما إذا كانت الجولة التي كان من المقرر أن تختتم أمس، قد انتهت عملياً، أو أن لقاءات قد تعقد اليوم.
تعنّت الطرفين لم يخفّف حدّته الراعيان الأميركي والروسي اللذان تنقلا بين أروقة المفاوضين. جولة ثالثة تنتظر مشاورات الإبراهيمي في الأمم المتحدة مع الأمين العام بان كي مون ومجلس الأمن، في وقت يعود فيه الوفدان السوريان ليركّزا على ما هو أهم خلال الوضع الحالي: الميدان.
في السياق، رأى مسؤول أميركي كبير أنّ وفد الحكومة السورية كان «يراوغ في كل خطوة على الطريق» في محادثات السلام. ونقلت عنه وكالة «الأناضول»، من دون أن تسمّيه، أنّ واشنطن «تتوقع من روسيا أن تضغط على دمشق للانخراط بطريقة جدية وبناءة في المحادثات».
في المقابل، أكد نائب وزير الخارجية الروسي، غينادي غاتيلوف، أنّ وفد الحكومة السورية لا ينوي الانسحاب من المفاوضات، معتبراً ذلك دليلاً على عزمها على العمل البنّاء لإيجاد حلول للمسائل العالقة. وتابع قائلاً إنّ الوفد الحكومي يريد أن يؤكد وفد المعارضة التزامه أولاً محاربة الإرهاب بالتعاون مع الحكومة، ومن ثمة ستكون دمشق مستعدة لبحث المسائل الأخرى، بما فيها مسألة تشكيل هيئة انتقالية.
كذلك نفى غاتيلوف أنّ تكون المفاوضات قد وصلت إلى طريق مسدود، مشدداً على أنها لم تبدأ فعلياً بعد. وأضاف أنّ الأخضر الإبراهيمي لم يحدد بعد موعد الجولة الثالثة، بل هو يريد استشارة الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون أولاً.
بدوره، أعلن نائب وزير الخارجية السوري، فيصل المقداد، أنّ الجولة الثانية من المفاوضات لم تحقّق أي تقدم. وقال: «جئنا إلى مؤتمر جنيف تنفيذاً للموقف السوري المعلن من التوصل إلى حلّ سياسي للأزمة التي تشهدها سوريا»، لكن «للأسف الطرف الآخر جاء بأجندة مختلفة. جاء بأجندة غير واقعية، وهي ذات بند واحد تتعامل بانتقائية مع وثيقة جنيف واحد». وأشار إلى أنّ الوفد المعارض لم يرد أن «يتحدث عن أي شيء آخر سوى موضوع الحكومة الانتقالية في حين أننا جاهزون لمناقشة كل شيء، وقد أكدنا لكم في كل اللقاءات التي تمت أننا نصر على البدء ببند وقف العنف ومكافحة الإرهاب، لا لأننا نريد ذلك، بل لأن الأطراف التي وضعت وثيقة جنيف أرادت ذلك». ولفت إلى أنّه رغم التباينات «فإننا سنستمر بهذه العملية» السياسية.
من جهته، رأى عضو وفد «الائتلاف» لؤي صافي، أنّ المفاوضات بلغت «طريقاً مسدوداً، ومن المبكر القول إن هناك جولة ثالثة منها». وعزا صافي ذلك إلى «أن المعارضة لم تحصل حتى اليوم على أيّ رد واضح من قبل وفد النظام على مقترحها الذي قدمته بخصوص التسوية السياسية».
وحول موعد الجلسة المقبلة، قال الصافي إنّ موعدها لم يُحَدَّد بعد، إلا أنّ هناك احتمالاً ضعيفاً بأن يكون هناك لقاء قصير للإبراهيمي مع الطرفين غداً (اليوم) السبت.
وعقد الأخضر الإبراهيمي، أمس، جلستين منفصلتين مع الوفدين اللذين لم يلتقيا مباشرة إلا مرة واحدة في الجولة الثانية التي بدأت يوم الاثنين.
وفي السياق، قال عضو «الائتلاف»، أحمد جقل، إنّ الأخضر الإبراهيمي «أبلغ المعارضة أنّ المحادثات ستستمر وأنه ستعقد جولة ثالثة، لكنه لم يحدد موعداً». وأضاف أنّه قد تعقد جلسة محادثات اليوم.

لا يريدون سوى «الانتقالية»

إلى ذلك، قال وزير الخارجية الروسي، سيرغي لافروف، إنّ محادثات جنيف السورية يجب ألا تركز على تشكيل هيئة حكم انتقالي فحسب. وبينما تدخل الجولة الثانية من محادثات جنيف يومها الأخير، رأى لافروف أنّ المعارضة ومن يؤيدونها من الغرب والعرب يحاولون اخراج المفاوضات عن مسارها. وأضاف: «لدينا انطباع أن أولئك، بعد أن ضمنوا مشاركة المعارضة في هذه العملية، يدعون إلى أن تركز المحادثات على تحقيق بيان جنيف بالكامل، وفي الواقع يعنون تغيير النظام». ورأى، في مؤتمر صحافي مشترك بعد محادثات مع نظيره الألماني فرانك فالتر شتاينماير، «أنّ كل ما يريدونه (المعارضة) هو الحديث عن تشكيل هيئة حكم انتقالي».
(الأخبار، أ ف ب، رويترز، الأناضول)