لم يخرج اجتماع أمس لمناقشة نسب المشاركة ومدة الفترة الانتقالية بأي جديد
في المقابل، يدافع المجلس العسكري عن نفسه بالادعاء أن من أطلق النار «مجموعات دخلت إلى منطقة الاعتصام وعدد من المواقع الأخرى، وقامت بدعوات مبرمجة لتصعيد الأحداث من إطلاق للنيران والتفلّتات الأمنية الأخرى... والتحرّش والاحتكاك بالمواطنين والقوات النظامية التي تقوم بواجب التأمين والحماية للمعتصمين»، على غرار البيان الذي أعلنته «الدعم السريع» عقب الحادث مساء أول من أمس، والذي يشير إلى أن «الأحداث المؤسفة تقف خلفها جهات ومجموعات تتربص بالثورة». وبين هذا وذاك، ثمة من يتهم أنصار نظام الرئيس عمر البشير البائد بالهجوم، بهدف عرقلة المفاوضات بين الطرفين ومنع نقل السلطات إلى المدنيين، بالتزامن مع توجيه النيابة العامة، أمس، تهمة إلى البشير بالتحريض والتورط في قتل متظاهرين في جرائم سابقة خلال الاحتجاجات.
ووسط تضارب الأنباء حول هوية مطلقي النار، استمرّ قادة المعارضة في المفاوضات، لكن لم يخرج عن الاجتماع الثالث الذي عقد أمس لمناقشة نسب المشاركة ومدة الفترة الانتقالية، أيُّ جديد، ومن المنتظر اليوم استكمال التفاوض حول هاتين النقطتين العالقتين بعد طرح الوثيقة الدستورية الأسبوع الماضي، لكون نسب المشاركة تحدد من يقود هذه الهيئات الانتقالية، سواء المجلس السيادي أو مجلسا الوزراء والنواب الانتقاليون. وفيما يطالب قادة الحراك بأن يقود المدنيون هذه الهيئات، وأن يشكلوا الأغلبية فيها مع تمثيل للعسكريين، يدعو الجيش إلى أغلبية للعسكريين في «السيادي» الذي تعود الكلمة الفصل إليه في شؤون الدولة، ويبدي استعداده للقبول بحكومة مدنية بمعظمها. أما في شأن مدة الفترة الانتقالية، فيدعو الجيش إلى إطار زمني لمدة عامين، بينما يطالب المتظاهرون بأربع سنوات لإتاحة الوقت لإدخال مجموعة من الإصلاحات التمهيدية التي يرونها ضرورية.
يبدو «المجلس العسكري» الطرف الأضعف على طاولة المفاوضات اليوم. فالاعتداء الأخير على المحتجين في ساحات الاعتصام أمام مقارّه، وتورط أحد أذرعه فيه، وامتلاك قادة الحراك الشعبي أوراق قوة في الشارع، كالعصيان المدني، قد تستخدمها بعد انتهاء الجولة الثالثة من المفاوضات من دون نتائج لمصلحتها، كلها عوامل تضع «العسكر» أمام خيار التنازل في مفاوضات اليوم، سواء في ما يخص بنود الوثيقة الدستورية والمرحلة الانتقالية، أو التضحية بـ«حميدتي» لأنه بات أحد الوجوه المغضوب عليها شعبياً، مثلما أُطيح المدير العام لجهاز الأمن والمخابرات الوطني، الفريق صلاح قوش، المفضل لدى الإمارات، لدوره في قمع وقتل عدد من المحتجين طوال فترة الاحتجاجات منذ انطلاقتها قبل خمسة أشهر. وسيندرج ذلك، في حال وقوعه، في إطار سياسة حلفاء المجلس القائمة على إبعاد المرفوضين شعبياً عن مسرح الأحداث، للحفاظ قدر المستطاع على التغيير الحاصل في مثلث الحكم، الذي يحفظ لأقطابه مصالحهم السياسية والاقتصادية.