لم تكد تنتهي الجولة الثانية من «جنيف 2» حتى سارعت الدول الغربية إلى شنّ حملة على الوفد الحكومي السوري. حملة أصابت موسكو كونها لم «تضغط كفاية» على حلفائها بين أروقة جنيف. في المقابل، وبعد اعتذار الوسيط الدولي الأخضر الإبراهيمي للشعب السوري لأن المفاوضات لم تقدّم أي نتيجة، رأى وزير الخارجية السوري وليد المعلم أنّ المحادثات أحرزت تقدماً هاماً كونها أثمرت عن جدول أعمال، وعلى رأسه مسألة الإرهاب.
واتهم وزير الخارجية الأميركي جون كيري الحكومة السورية بـ«العرقلة»، مشيداً في المقابل بـ«شجاعة وجدية» المعارضة خلال هذه المفاوضات. وفي إشارة إلى روسيا، دعا وزير الخارجية الأميركي «داعمي النظام إلى الضغط» عليه ليضع حداً «لتعنته في المفاوضات ولأساليبه الوحشية على الأرض». وتحدث عن «تعليق» للمفاوضات يجب أن يتيح للفريقين وللمجتمع الدولي «تحديد سبل الاستفادة من هذه الفترة، والعمل لكي يفتح استئناف المفاوضات الباب أمام التوصل إلى حل سياسي لهذه الحرب الأهلية الفظيعة».
وبعدما حمّل كل من وزير الخارجية البريطاني وليام هيغ ونظيره الفرنسي لوران فابيوس، أول من أمس، دمشق مسؤولية فشل مفاوضات جنيف، أعلن وزير الخارجية الألماني فرانك فالتر شتاينماير، أمس، أنّ فشل المفاوضات «يؤكد مرة جديدة أنّ الرئيس السوري بشار الأسد وجماعته ليسوا مهتمين جدياً بالمفاوضات».
في المقابل، اعتبر وزير الخارجية السوري وليد المعلم أنّ الجولة الثانية من المفاوضات «لم تفشل وأحرزت تقدماً هاماً». وقال المعلم، في الطائرة التي أقلّت الوفد الحكومي المفاوض في جنيف خلال عودته الى دمشق، إنّ «الجولة الثانية لم تفشل على عكس بعض التحليلات الإعلامية التي ظهرت أو ردود فعل وزيري خارجية فرنسا وبريطانيا». وأضاف إنّ «هذه الجولة أنجزت نقطة مهمة جداً بفضل وعي المفاوض السوري عندما أعلن موافقة سوريا على جدول الأعمال الذي اقترحه الوسيط الدولي الأخضر الإبراهيمي، والذي يبدأ ببنده الأول بند العنف ومحاربة الإرهاب».
وعن توقعاته بالنسبة إلى مضمون تقرير الإبراهيمي إلى مجلس الأمن حول المفاوضات، قال المعلم: «على الإبراهيمي كوسيط أن يكون محايداً (...)، وأعطى مؤشراً في مؤتمره الأخير أنه سيكون كذلك»، مضيفاً: «كوسيط، يجب أن يكون حريصاً على استمرار هذه العملية، سواء في جولة ثالثة أو رابعة أو غيرها». وانتقد المعلم مواقف واشنطن وباريس ولندن من المفاوضات، معتبراً أنّ «وزيري خارجية فرنسا وبريطانيا قفزا ضمن أوركسترا معدّة مسبقاً لتحميل الوفد الحكومي مسؤولية الفشل في المحادثات». وقال إن الولايات المتحدة «حاولت إيجاد أجواء سلبية للغاية للحوار في جنيف»، معتبراً أنّ «الاتفاق على جدول الأعمال الذي يبدأ بنبذ العنف ومكافحة الإرهاب جعلها تسارع إلى إفشال الجولة الثانية». ورأى المعلم أنّ «الحديث عن عدوان أميركي على سوريا حرب إعلامية نفسية هدفها الضغط على المفاوض السوري»، في إشارة الى تصريح الرئيس الأميركي باراك أوباما، خلال استقباله العاهل الأردني عبد الله الثاني، أنّه يريد تعزيز الضغط على النظام السوري.
في السياق، عبّر الموفد العربي والدولي الأخضر الإبراهيمي، أول من أمس، عن أسفه واعتذاره من الشعب السوري لكون المحادثات لم تؤدّ إلى نتيجة. وقال إنّ سبب الوصول إلى طريق مسدود هو رفض الوفد الحكومي جدول الأعمال الذي اقترحه.
(الأخبار، أ ف ب، رويترز)