جاء السودان في أولوية الاستراتيجية الخارجية التي وضعتها «المخابرات العامة» لوزارة الخارجية ووسائل الإعلام، بادئة بتأكيد «حرص مصر الدائم على استقرار السودان في ضوء العلاقات التاريخية والاستراتيجية... ودعم خيارات الشعب السوداني استناداً إلى ثوابت سياسة مصر المتمثلة في عدم التدخل بالشؤون الداخلية للدول الأخرى، مع التركيز على أهمية تكاتف الجهود الإقليمية والدولية لمساعدة السودان في تجاوز الموقف الراهن». ولذلك، على الوزارة «التزام الحيادية والمهنية وعدم الإساءة إلى أي أطراف سودانية... مع إمكانية البدء بشكل متدرج ومدروس في استضافة شخصيات سودانية من مختلف القوى السياسية في المنابر الإعلامية المصرية، مع مراعاة مبدأ الرأي والرأي الآخر، وبما يدعم التوجه المصري في استضافة ملتقى حوار للقوى السياسية السودانية»، والتنبيه حالياً إلى «عدم التطرق إلى القضايا الخلافية، ولا سيما منطقة «حلايب وشلاتين»، مع تجنب التغطية الإعلامية لأي جهود أو زيارات لمسؤولين مصريين (إلى هناك) خلال المرحلة الحالية».أما في الشأن الليبي، فتضمنت الاستراتيجية التشديد على أن «العمليات العسكرية للجيش الوطني الليبي (قوات المشير خليفة حفتر) في المنطقة الغربية تأتي في إطار استكمال جهود الإرهاب والتأسيس لاستكمال المسار السياسي... مع إبراز سلامة الرؤية التي طالما أكدتها مصر في مختلف المحافل حول الأولوية القصوى لاستعادة الدولة الليبية والحفاظ على وحدتها واستقرارها و(...) مكافحة الإرهاب والميليشيات المتطرفة». ولذلك، على «النشرات والصحف القومية المصرية تغطية تطورات الموقف الراهن في المنطقة الغربية، وتبني عناوين ومعالجات مؤيدة للجيش الوطني الليبي، وإبراز خطورة الميليشيات الإخوانية والمتطرفة والدورين القطري والتركي في زعزعة استقرار ليبيا منذ عام 2011».
أيضاً، طُلب من «الخارجية» تسهيل اللقاءات التلفزيونية مع حفتر واللواء أحمد المسماري (المتحدث الرسمي لقواته) على الفضائيات الرئيسة الرسمية والخاصة، مع «إبراز موقف رئيس مجلس النواب الليبي عقيلة صالح، باعتباره البرلمان الشرعي الوحيد المنتخب حتى الآن... ويؤكد شرعية العمليات العسكرية للجيش الليبي، وإبراز خطورة تزايد الدعم التركي والقطري والإيراني الموجه إلى إرهابيي المنطقة الغربية، وكثافة انتقال المقاتلين الأجانب إلى مناطق الصراع الليبي عبر تركيا وما تمثله من محاولة تحويل الساحة الليبية إلى ميدان سوري جديد، وارتباطات الميليشيات التابعة لحكومة الوفاق (في طرابلس) بالعناصر والكيانات الإرهابية، والاستفادة من البيانات التي يقوم المتحدث باسم الجيش (المسماري) بنشرها يومياً منذ بداية العمليات في تبني المواقف الرسمية عما يحدث في ليبيا».
في المقابل، حذرت الاستراتيجية من الإشارة إلى «ميليشيات حكومة الوفاق الوطني بأنها سلطة شرعية أو قوات نظامية، مع تجنب أي موضوعات تتعلق بالدعم العسكري الخارجي المقدم إلى الجيش الوطني (حفتر)، وخاصة الفرنسي والإماراتي... فضلاً عن ضرورة عدم التعاطي مع المجلس الرئاسي الليبي على أنه جزء من الحل، والتركيز في المقابل على أنه جزء من المشكلة بحكم التحالفات التي يرعاها حالياً لجماعات وتنظيمات إرهابية واضحة، وتسخيره موارد الدولة التي يسيطر عليها لميليشيات مصراتة وطرابلس، واستدعائه الواضح التدخل الخارجي، فضلاً عن تصعيد أقطاب المنطقة الغربية مواقفها العدائية المباشرة وغير المباشرة ضد مصر».
بالانتقال إلى الجزائر، شددت تعليمات المخابرات على «التغطية الإيجابية المتواصلة للمواقف التي يتخذها الجيش الجزائري، والاستفسار المستمر عن أسباب إصرار عدد من التيارات على الخروج عن الدستور والخطوات التي يقررها لتنظيم المرحلة الانتقالية، رغم أنها تتيح إجراء الانتخابات بسرعة في يوليو (تموز) 2019، مع تأكيد أن هذا الإصرار يؤدي بالضرورة إلى سيناريوات الفوضى، وتوصيل رسائل تؤكد ثبات الموقف المصري حيال الأوضاع في الجزائر، وذلك بالتركيز على حرص مصر قيادةً وحكومة وشعباً على الحفاظ على استقرار الجزائر بشكل خاص، ومنطقة المغرب العربي بشكل عام، لما لذلك من تأثيرات مباشرة على الأمن القومي المصري... وثقة مصر في قدرة الجيش والشعب الجزائري على عبور المرحلة الدقيقة الراهنة بشكل يُلبي تطلعات الشعب الجزائري، والتأكيد على عمق العلاقات التاريخية».
ولذلك، حذرت الاستراتيجية من «الطعن في نيات أو عدالة المطالب التي رفعتها التظاهرات فى الجزائر، والتناول الموضوعي لها كمعادلة بين شرعية تلك المطالب في إزاحة النظام الجزائري السابق من جانب، ومحاولة بعض الأطراف استخدام ذلك في تنفيذ سيناريوات الفوضى من جانب آخر، مع عدم الخوض في أي مواقف أو تصريحات للقيادة السياسية المصرية أو للحكومة تتعلق بالأحداث الجزائرية، حتى لا تُفسر بشكل يؤثر على العلاقات الثنائية، وخاصة على المستوى الشعبي، ولا سيما مع اقتراب توافد الجماهير الجزائرية إلى مصر لحضور مباريات كأس الأمم الأفريقية في يونيو (حزيران)» الجاري.