«معهد الأمن القومي»: الاقتصاد جزء من الحلّ وليس الحلّ نفسه
وكانت الرؤية التي طرحها نتنياهو في حينه، ولا يزال متمسكاً بها، قد شكّلت أساساً استندت إليه دراسة موسّعة صادرة عن المعهد نفسه (أبحاث الأمن القومي) قبل نحو سنتين (تموز 2017)، تناولت صيغة حلّ تحت عنوان: «مشكلة اللاجئين الفلسطينيين والمصلحة الإسرائيلية»، تستهدف حلّ مشكلة اللاجئين داخل الضفة وغزة والشتات، بما لا يهدّد أمن إسرائيل ووجودها. انطلقت الدراسة من رؤية مفادها أن من مصلحة إسرائيل السياسية والاقتصادية تطوير الاقتصاد الفلسطيني والبنى التحتية، خصوصاً في الضفة الغربية، وخلق ظروف رفاهية في حياة الفلسطينيين. وفي هذا الإطار، اقترحت تغيير السياسة الإسرائيلية إزاء الأراضي التي لا تتبع المستوطنات المزروعة في المناطق «ج»، والتي تطمح إسرائيل إلى ضمّها، إضافة إلى خطط تطوير في الضفة الغربية، تهدف إلى الربط بين المناطق «أ» و«ب» و«ج»، مع التركيز على مشاريع ضخمة تتصل بالبنى التحتية. ويشمل الاقتراح أيضاً إيجاد أسس عمل مشتركة بين الإسرائيليين والفلسطينيين في مجالات العلوم والتكنولوجيا، بالإضافة إلى دعم مؤسّسات السلطة الفلسطينية والسلطات المحلية. ولم تتجاهل الدراسة قطاع غزة، الذي ناله نصيب من اقتراحات التطوير (بالطبع على أن يكون رأس المقاومة هو الثمن). على المنوال نفسه، ستكون المبالغ التي يُروَّج لها اليوم ثمن قبول الفلسطينيين بالتخلّي عن حقوقهم الوطنية الثابتة، وإضفاء الشرعية على الاحتلال الإسرائيلي بصيغته الحالية. أما المبالغ التي ستُرصد للأردن، فهي ثمن قبوله بحمل العبء الأكبر من ملف اللجوء الفلسطيني. والمفهوم عينه ينطبق على المبالغ المرصودة للبنان، وهو ما ردّ عليه بحزم رئيس مجلس النواب اللبناني، نبيه بري.
أما بخصوص الدور الذي يمكن أن تؤديه الصيغة الجديدة في مخطط تصفية القضية الفلسطينية، فقد نبّه التقرير الصادر عن المعهد إلى أنه، بالاستناد إلى اتفاقيات السلام التي وقّعتها إسرائيل، كان الاقتصاد جزءاً من الحلّ وليس الحلّ نفسه، مضيفاً أن «إدارة ترامب قلبت جدول القضايا، وجعلت التعويضات أولاً، ومن ثم تقديم المخطط السياسي للتسوية بين إسرائيل والفلسطينيين، قد يبدو هذا شيئاً حديثاً، لكنه ليس عملياً». ويلفت إلى أنه «قبل بدء الورشة، استجابت أغلب الدول المشاركة لمطالب الإدارة، لكنها أظهرت عدم وجود رغبة بارزة للعب دور فيها. كذلك، فإن مستوى المشاركين ليس من الصف الأول»، ليختم بالدعوة إلى «خطة سياسية إبداعية تقوم بتعويض الفلسطينيين»، مشيراً إلى أن الشواهد التاريخية تؤكد ضرورة عدم النظر إلى «ورشة المنامة» والاستثمارات المستقبلية المُخطّط لها على أنها مفتاح لحل صراع طويل.