«وُضعت المشروبات الخالية من الكحول بأناقة على الموائد المرحّبة بالمشاركين، وقٌدّمت اللحوم على أنواعها، بينما كانت الإدارة الأميركية تروّج للجانب الاقتصادي من خطتها للتسوية في الشرق الأوسط في منتجع فخم في المنامة، شهد اختلاطاً غير مسبوق بين نزلائه». هكذا بدا المشهد كما وصفه صحافيون مِمَّن استطاعوا حضور مؤتمر البحرين، وسط شكوى من وسائل إعلامية كوكالة «الأناضول» التركية، مُنع مندوبوها من دخول البلد المضيف: البحرين.في اليوم الثاني والأخير لـ«الورشة الاقتصادية»» التي حملت عنوان «السلام من أجل الازدهار»، قرّر جاريد كوشنر مواصلة العزف على النغم نفسه الذي بدأه في اليوم الأول للمؤتمر. أعاد صهر الرئيس الأميركي ومستشاره اتهام القيادة الفلسطينية بـ«الفشل في مساعدة شعبها»، مؤكداً مجدداً أن «الباب لا يزال مفتوحاً للانضمام إلى خطة السلام». وقال: «لو أرادوا (السلطة التي لم تشارك رسمياً على رغم الضغوط) فعلاً تحسين حياة شعبهم، فإننا وضعنا إطار عمل عظيم يستطيعون الانخراط فيه ومحاولة تحقيقه»، مضيفاً أن «ما قامت به القيادة (الفلسطينية) هو لوم إسرائيل والآخرين على مشكلات شعبها كافة، بينما في الحقيقة إن الموضوع المشترك هو أن كل هذا قابل للتحقيق إن كانت ترغب في إجراء هذه الإصلاحات».
الجلسة الختامية حملت عنوان «التحول الاقتصادي: حوار مع وزراء المالية»، وتحدث فيها وزير المالية والاقتصاد البحريني، سلمان بن خليفة، بحضور وزير الخزانة الأميركي، ستيف منوتشين، ونظيريه السعودي محمد بن عبد الله الجدعان، والإماراتي عبيد بن حميد الطاير. وقال ابن خليفة: «إننا سعداء بالعمل مع شركائنا في الولايات المتحدة في ورشة السلام من أجل الازدهار، التي تمثل فرصة مهمة للمناقشات وطرح الرؤى حول المستقبل الاقتصادي للشعب الفلسطيني وللمنطقة، بما يلبّي آمالهم وتطلعاتهم». أما الجدعان، فأشار إلى أن «المملكة ستؤيد أي خطة اقتصادية تحقق الازدهار للفلسطينيين»، فيما رأى الطاير أنه «ينبغي إعطاء فرصة لهذه المبادرة».
من جهتها، لفتت مديرة «صندوق النقد الدولي»، كريستين لاجارد، إلى أن «هناك حاجة إلى اتفاق سلام... لجذب استثمارات دائمة إلى الشرق الأوسط». وقالت لاجارد، في كلمتها خلال الورشة، إن «تحسّن الأوضاع الاقتصادية في الضفة الغربية وغزة قد يحدث لكن بثلاثة شروط»، هي «إجراء السلطة الفلسطينية إصلاحات شاملة، وتخفيف إسرائيل القيود على حركة السلع والأفراد ورأس المال، وزيادة المانحين الدوليين والإقليميين بزيادة دعمهم المالي لضمان الاستثمارات الصحيحة». بعد ذلك، وخلال جلسة حوارية على هامش الورشة مع كوشنر، اعتبر رئيس الحكومة البريطانية السابق، توني بلير، أن «الشرق الأوسط يشهد تحولاً كبيراً بشأن القضية الفلسطينية بعد أن كانت في طريق مسدود»، مضيفاً: «تعلمنا دروساً خلال تجربتنا السياسية، أبرزها أهمية التفكير الإبداعي حول الظروف المحيطة باتخاذ القرار».
قررت عُمان في توقيت غريب فتح سفارة لها في فلسطين


في المقابل، ولليوم الثاني على التوالي، استمرت التحركات والتظاهرات الفلسطينية في الضفة المحتلة وقطاع غزة، رفضاً لـ«مؤتمر المنامة». ففي غزة، انطلقت المسيرات أمس في مدن عدة، وشاركت فيها قيادات الفصائل، ومنهم رئيس المكتب السياسي لحركة «حماس»، إسماعيل هنية، وزعيمها في غزة، يحيى السنوار. المظاهرات رافقها تصعيد ميداني على الحدود، رداً على إيقاف الاحتلال إدخال الوقود إلى محطة الكهرباء، فأُطلقت البالونات الحارقة باتجاه مستوطنات الغلاف مسبّبةً أكثر من 16 حريقاً. وفي كلمته بالمناسبة، دعا هنية كلاً من «قطر ومصر والأمم المتحدة»، الراعية لتفاهمات التهدئة، إلى إلزام إسرائيل ببنودها، معتبراً القرار الإسرائيلي «عدواناً سافراً على الحقوق التي انتزعها الشعب الفلسطيني بمسيرات العودة». وأشار إلى أن «حماس» ليست ضد «رفع الحصار عن غزة والضفة، كذلك فإنها ليست ضد تقديم مساعدات للشعب الفلسطيني»، لكن «أي مال يدفع لإنهاء تلك المعاناة يجب أن يكون غير مسيس أو مشروط، ولا على حساب القدس أو الثوابت أو السيادة أو حق العودة، أو على حساب السلاح والمقاومة».
بالتزامن مع «ورشة البحرين»، وفي توقيت غريب، أعلنت الخارجية العُمانية نيّتها فتح سفارة لها في فلسطين خلال الأيام القليلة المقبلة، مؤكدة أن وفداً من الخارجية سيتوجه إلى مدينة رام الله لمباشرة إجراءات فتح السفارة. وقالت الوزارة في بيان: «استمراراً لنهج السلطنة الداعم للشعب الفلسطيني الشقيق، قررت السلطنة فتح بعثة دبلوماسية جديدة لها لدى دولة فلسطين على مستوى سفارة». إثر ذلك، رحّبت عضو «اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير»، حنان عشراوي، بقرار عُمان، «شرط ألا تكون لهذه الخطوة أي علاقة بالاعتراف بإسرائيل». وقالت عشراوي في مؤتمر أمس: «نرحب بالدول التي تعترف بدولة فلسطين وتفتح سفارات فيها، ونتوقع أن تعمل هذه السفارة فقط للفلسطينيين وأن تكون العلاقة مباشرة بيننا»، مضيفة: «المبادرة العربية للسلام أعلنت، بشكل واضح جداً، أن لا اعتراف ولا تطبيع مع إسرائيل حتى تنسحب من الأراضي الفلسطينية المحتلة». وأضافت: «أخبرنا الدول العربية أنْ لا داعي للذهاب إلى مؤتمر المنامة من أجل تقديم المساعدات... تستطيعون مساعدتنا مباشرة». مع هذا، رفضت الخارجية الفلسطينية التعليق على القرار العُماني، الذي ـــ في حال تنفيذه ــــ يعني قيام أول سفارة لدولة خليجية في فلسطين. وقال مسؤول الدائرة الإعلامية في «الخارجية»، طارق عيدة: «(إننا) لا نستطيع التعليق على هذا القرار في هذه المرحلة»، لكنه أشار إلى وجود 42 مكتباً تمثيلياً أجنبياً في مناطق السلطة، بينها مكاتب تمثيل دبلوماسية لأربع دول عربية هي: مصر والأردن والمغرب وتونس، فيما توجد سفارة واحدة هي لدولة الإكوادور.
إلى ذلك، جدد الملك الأردني، عبد الله الثاني، «موقف بلاده الثابت من القضية الفلسطينية»، رغم مشاركة بلاده في مؤتمر المنامة. وقال خلال ترؤسه اجتماع «مجلس السياسات الوطني»، أمس، إن «الأردن يؤكد أهمية دعم الأشقاء الفلسطينيين في نيل حقوقهم المشروعة وإقامة دولتهم المستقلة على خطوط الرابع من يونيو/ حزيران عام 1967، وعاصمتها القدس الشرقية».