أصبحت سوريا أرضاً خصبة للجماعات المسلحة المعارضة، إذ ينشأ كل يوم تنظيم معارض في وجه النظام. ومنذ كانون الاول 2013، بدأت الجماعات المعارضة تشهد انقساماً كبيراً في ما بينها، بلغ أوجه خلال المعارك التي تخوضها «الجبهة الاسلامية» و«جبهة النصرة» و«جبهة ثوار سوريا» و«جيش المجاهدين» و«الجيش الحر» ومجموعة من الألوية ضد تنظيم «الدولة الاسلامية في العراق والشام». وبعدما بات للمعارضة عدد من «الجبهات» و«الجيوش»، لم يتوقف «الجيش الحر» نفسه عن «التكاثر».
فبعد «الجيش الحر» الذي يقوده العقيد رياض الأسعد، وذاك الذي يقوده سليم إدريس، صار للمعارضة «جيش حر» جديد بقيادة بشير النعيمي. والأخير، هو «الجيش الحر» الأصلي، المرتبط بالائتلاف السوري المعارض، بطريقة أو بأخرى. فالمجلس العسكري الأعلى لـ«الحر» أعلن الاثنين الماضي عزل ادريس الذي شهدت فترة قيادته عدة انتكاسات، إضافة الى توتر متصاعد بينه وبين رئيس «الائتلاف» أحمد الجربا، بحسب مصادر معارضة.
لكن هذا القرار لم يعجب ادريس، فلم يعترف به. ويوم امس، انتشر شريط مصوّر يظهر فيه ادريس، الى جانب عدد من «الضباط»، متعهّداً مواصلة القتال ضد النظام، داعياً الاطراف المعارضة الى التعاون معه. وانتقد ادريس بعض أطراف المعارضة «ممّن يتّخذون قرارات تنبع من المصلحة الفردية». وبناءً عليه قرّر ما يأتي: «أولاً، فك الارتباط مع مجلس الثلاثين ووزير الدفاع في الحكومة المؤقتة، لكون قراراتهم فردية وباطلة وكل ما يصدر عنهم لا يعنينا على الاطلاق؛ ثانياً، الطلب من اللواء سليم ادريس البدء بإعادة هيكلة شاملة للأركان». ودعا ادريس «جميع القوى الثورية الانضمام الى هيئة الأركان والتعاون ضد النظام».
من جهته، قال قائد «الجيش الحر» في منطقة وسط سوريا فاتح حسين في التسجيل المصور ان «القادة يعتبرون قرار عزل ادريس باطلاً وغير مشروع»، مضيفاً أن «أنصار ادريس سيواصلون القتال تحت قيادته». واضاف: «ليس من حق أي مجموعة غير موجودة على التراب السوري ان تتخذ قراراً حاسماً لا يمثل وجهات نظر القوات المقاتلة في الميدان». وأكد «قائد الجبهة الشرقية» محمد العبود في اتصال مع «رويترز» معارضته القرار، قائلاً إن «قادة الوحدات سيجتمعون مع ادريس في انطاكيا بتركيا لمناقشة الخطوات التالية».
في الوقت نفسه، توقع أحد المنشقين عن «الائتلاف» يامن الجوهري أمس، «أن يتجه معارضون سوريون، يتخذون نفس موقفه، إلى تشكيل كيان جديد للمعارضة، إذا لم تتم هيكلة الائتلاف». وقال الجوهري، في تصريحات لوكالة «الأناضول»: «نعقد اجتماعات متواصلة في إسطنبول لبحث الأمر، وقد يصدر قرار بتشكيل الكيان الجديد الموازي للائتلاف في موعد أقصاه الاثنين المقبل، إذا لم نشعر بأن هناك توجهاً لإعادة هيكلة الائتلاف». ويطالب المنشقون عن «الائتلاف» بـ«أن يصبح 45% من تشكيلته من الثوار، بعد أن أصبح أغلب الأعضاء من المعارضة السياسية بالخارج، وهو ما يجعله كياناً غير مفيد للثورة، حيث تحول إلى ما يشبه هيئة التنسيق التي تحوم الشكوك حول علاقتها بنظام بشار الأسد»، بحسب الجوهري.
على صعيد آخر، أعلن الجيش السوري استعادته السيطرة على تلة اليرزن في ريف القنيطرة. وقالت مصادر عسكرية إن المسلحين كانوا يتخذون من هذه المنطقة مقراً لعملياتهم، مضيفة أن المعارك في تلة اليرزن أدت إلى مقتل عدد كبير من المسلحين. وفيما تستمر المعارك في يبرود في القلمون في ريف دمشق، جرت اشتباكات عنيفة أمس بين الجيش السوري والجماعات المسلحة المعارضة في حرستا، فيما شنّ الجيش غارات جوية على المنطقة الجنوبية الشرقية من داريا، وقصف معاقل «الجبهة الإسلامية» في دوما. ولا تزال مدينتا دوما وداريا الخاضعتان لسيطرة المعارضة واقعتين عملياً تحت حصار الجيش، بينما حصلت «مصالحات محلية» في عدد من المدن والبلدات المحيطة بالعاصمة أبرزها في ببيلا وقدسيا وبيت سحم ويلدا ومخيم اليرموك وحي برزة في دمشق. وفي درعا، تواصلت المعارط بين الجيش والمعارضة،
وفي ريف حمص، استهدف قصف مدفعي للقوات الحكومية تجمعات المسلحين في قرى خطاب وسلام شرقي والخالدية والغاصبية، في الوقت الذي تمّ فيه إجلاء دفعة جديدة من المدنيين المحاصرين في حمص القديمة أمس، في عملية تخلّلها اطلاق نار.
وفي حلب، استكمل الجيش عملياته العسكرية في عدد من القرى والبلدات، وخصوصاً في مساكن هنانو حيث استهدف الجيش مقراً لـ«الجبهة الاسلامية» في المركز الثقافي. وأغار الطيران الحربي على بستان القصر وقرى وبلدات كويرس وجديدة والبريج والسربس والعويجة والحسامية وحندرات ورسم العبود والمدينة الصناعية والحميمة ومحيط سجن حلب المركزي.
(الأخبار)