رغم دعوات المبعوث الأممي، غير بيدرسن، المتكررة لتثبيت وقف إطلاق النار في إدلب، فقد وصل إلى دمشق أمس على وقع تصعيد ميداني لافت في ريف اللاذقية الشمالي. إذ شنّ ائتلاف من الفصائل «القاعدية» تحت راية «غرفة عمليات وحرّض المؤمنين»، صباح أمس، هجوماً عنيفاً استهدف مواقع الجيش وحلفائه في جبل التركمان، وأدّت ساعاته الأولى إلى سيطرة الفصائل على عدد من التلال المهمة في محيط عطيرة وتل نوارة، باتجاه جبل زاهية. المعارك استمرت خلال ساعات النهار، وسبّبت استشهاد عدد من مقاتلي الجيش وأسر آخرين، ومقتل عناصر من «الحزب الإسلامي التركستاني» و«حراس الدين» وفصائل أخرى. وحتى وقت متأخر من ليل أمس، كان الجيش قد تمكن من احتواء الهجوم، وبدأ تحركاً معاكساً تحت غطاء مدفعي وجوي، لاستعادة التلال التي انسحب منها نهاراً.اللافت في هجوم أمس، أنه شمل جبهة واسعة في ريف اللاذقية، على عكس «الغارات» السريعة والمحدودة التي سبق أن نفذتها الفصائل «القاعدية» هناك. يضاف إلى ذلك، قربُ محاور الاشتباك وتداخلها مع حدود لواء إسكندرون، حيث تتمركز القوات التركية، وهو ما رأت فيه مصادر ميدانية «مشاركة تركية» في الهجوم. وترافق التحرك في ريف اللاذقية مع تصعيد موازٍ على جبهات ريفي حماة الشمالي وإدلب الجنوبي، وقصفٍ صاروخي نفّذته الفصائل المدعومة تركياً على البلدات في جانب سيطرة القوات الحكومية. وبينما تشير المصادر إلى أن الجيش سيكثّف قصفه لمواقع الفصائل خلال الأيام القليلة المقبلة، لم يتضح بعد إذا ما كان هذا التصعيد مقدمة لمعارك أوسع في المنطقة، تكسر جمود جبهات ريف حماة الطويل، بما قد يتيح فرصة جديدة للجيش، لاستكمال ما حاول إنجازه قبل سنوات، وتحرير كامل ريف اللاذقية.
التصعيد في المقابل، لن يؤّثر بفحوى لقاءات دمشق المنتظرة اليوم، حيث سيجهد بيدرسن لانتزاع «تعهد» من دمشق بالمضي قدماً في الحل المقترح لعقدة «اللجنة الدستورية»، وهو ما لم تُبدِ دمشق حياله أي موقف معلن مسبق. ولحين بيان ما قد يحصّله بيدرسن من الجانب الحكومي، يتنازع ملف «اللجنة الدستورية» الأضواء مع الأنباء المتواترة عن شرقيّ الفرات، ولا سيما في شأن الطرح الأميركي بنشر قوات إضافية من الدول الأعضاء في «التحالف الدولي». فبعد يوم واحد على رفضٍ ألماني سريع وعلني لنشر قوات برية في سوريا، تُستبدَل جزئياً بالقوات الأميركية، نقلت «فورين بوليسي» عن مسؤول في الإدارة الأميركية، تأكيده أن بريطانيا وفرنسا تعهدتا بزيادة قواتهما العاملة في سوريا بنسبة تراوح بين 10 و15 في المئة. وأضاف المسؤول أن الدول الأخرى قد ترسل أعداداً قليلة من القوات أيضاً، على أن تتعهد الولايات المتحدة بالتكاليف. ونقلت «فورين بوليس» عن مصدر آخر قوله إن إيطاليا الآن بصدد اتخاذ قرار بشأن إرسال قوات إضافية من عدمه، وإشارته إلى أن عدداً من دول البلقان والبلطيق سترسل «عدداً قليلاً من الجنود». ووفق المسؤول في إدارة الرئيس دونالد ترامب، تحاول الأخيرة إقناع بريطانيا وفرنسا وحلفاء آخرين، بالمساهمة المالية في جهود «تحقيق الاستقرار» في سوريا.