نيويورك | علمت «الأخبار» أنّ الاجتماع الذي كان مقرراً عقده في الجمعية العامة للأمم المتحدة لمناقشة الوضع الإنساني في سوريا، بطلب من السعودية، تأجّل إلى الثلاثاء المقبل، بناء على طلب الدول الغربية.
فهذه الدول تسعى إلى تمرير مشروع قرار في مجلس الأمن الدولي بتفاهم مع موسكو، إذ قطعت المباحثات بين الطرفين شوطاً طويلاً، ويجري تذليل العُقد الواردة في مشروع القرار الغربي. ومن المحتمل التصويت على المشروع إما اليوم أو غداً السبت، بعد أن تسحب منه كافة الفقرات التي تخرج عن مضمون بيان مجلس الأمن الدولي الرئاسي، الذي صدر عن المجلس بالإجماع في ٢ تشرين الأول الماضي. وعلى رأس هذه الفقرات تلك المتعلقة بوضع سوريا تحت المادة ٤١ من الفصل السابع من ميثاق المنظمة، وهي الفقرة التي تقل بدرجة فقط عن السماح باستخدام العنف العسكري لفرض قرارات مجلس الأمن، لكنها تفرض وصاية على سوريا تتجاوز شروط السيادة. كذلك سحبت من القرار أي إشارة إلى المحاسبة عبر محكمة الجنايات الدولية، ويجري العمل على حذف التنديد أو مجرد الإشارة إلى استخدام البراميل المتفجرة. الدول الغربية التي قالت إنها تفضل عدم صدور أي قرار على صدور قرار ضعيف بمعاييرها، وهو ما ورد صراحة على لسان المندوبة الأميركية سامنثا باور الإثنين الماضي، باتت أكثر استعداداً لتقديم المزيد من التنازلات على غرار ما جرى في القرارات السابقة. ويعود ذلك إلى أنّ هذه الدول تشعر بضعف أوراقها، فالمجموعات المسلحة ليست في وضع ميداني يساعدها على فرض شروط، وهي محرجة من المصالحات التي تجري في غير منطقة في محيط العاصمة دمشق وخارجها. من هنا يُستبعد طرح مشروع قرار غربي تضطر موسكو إلى ممارسة حق النقض ضده.
من جهة أخرى، من المنتظر أن يصل المبعوث العربي والدولي الأخضر الإبراهيمي إلى نيويورك الإثنين المقبل، بتأخير أسبوع عن الموعد الذي حددته الأمانة العامة للأمم المتحدة سابقاً. الإبراهيمي سيبحث مع الأمين العام بان كي مون نتائج مباحثات «جنيف ٢». وعزت مصادر مطلعة هذا التأخير إلى الخلاف الذي نشأ أثناء المؤتمر الدولي بين الإبراهيمي والوفد الرسمي السوري، إذ اتهمه الوفد بأنه بات يتصرف كطرف لا كوسيط.
لذا أراد الإبراهيمي تأخير حضوره كي لا يظهر مجدداً بأنه جزء من جوقة الضغط على سوريا التي نظّمت دولياً مطلع الأسبوع الحالي، عبر اتهامها بإحباط «جنيف 2».
وفيما ينتظر أن يقدم مسؤولون دوليون صورة قاتمة عن الحالة الإنسانية في سوريا خلال نقاشات الجمعية العامة التي ستجري يوم الثلاثاء، رجّح دبلوماسيون أنّ تتّسم لهجة الإبراهيمي بالتوازن والتركيز على أنّ عملية جنيف طويلة ومعقدة، ولم يكن في الأساس مؤملاً أن تصل إلى نتيجة من جولة أو جولتين.
في السياق، تشعر الأمم المتحدة بأنّ الدول الخليجية العربية خذلتها في مؤتمر المانحين لدعم الشعب السوري، الذي عقد في الكويت. فالتعهدات كانت أقل من ثلث النداء المطلوب وقدره ٦،٥ مليارات دولار، حيث لم تتجاوز ٢,٣ مليار ولم يدفع منها سوى ١١ في المئة حتى الآن. هذه العوامل مجتمعة وضعت الجزء الغربي ـ العربي من المجتمع الدولي في مأزق وضعف، حيال تحمل المسؤوليات الإنسانية. وفي المقابل، سحبت سوريا الكثير من الذرائع الإنسانية بحل عقد مثل حمص ومخيم اليرموك وقرى في الريف الدمشقي.
إلى ذلك، رفض الناطق الرسمي باسم الأمين العام للأمم المتحدة، مارتن نسيركي، الإفصاح عن موقف بان كي مون ازاء مشروع القرار حول سوريا.
وقال نسيركي، في مؤتمر صحفي أمس، إنّ أعضاء مجلس الأمن الدولي هم الذين سيقررون ما يمكن القيام به بشأن مشروع القرار الإنساني، وأن الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون «لا يملك أن يملي عليهم ما ينبغي القيام به».
وأشار الناطق الرسمي إلى أنّ منسقة الإغاثة الطارئة في الأمم المتحدة ووكيلة الأمين العام، فاليري آموس، ناشدت مجلس الأمن الدولي أكثر من مرة سرعة التحرك وإصدار قرار إنساني يطالب النظام السوري وجماعات المعارضة بالسماح بدخول المساعدات الإنسانية الى المحاصرين داخل المدن والبلدات السورية، وكذلك السماح بعمليات انسانية عابرة للحدود السورية.