وعلى رغم أن «اللجنة الدستورية» هي نتاج لمسار «أستانا/ سوتشي»، فإن الاتفاق حولها تضمّن أن يكون عملها جزءاً من مسار المحادثات في جنيف، المرعيّ من قبل الأمم المتحدة. وتم تدعيم هذه المقاربة خلال «رباعية إسطنبول» الروسية ــــ التركية ــــ الفرنسية ــــ الألمانية، التي عقدت في تشرين الأول الماضي. وسيكون للنسخة الثانية من «الرباعية»، المقررة بعد قمة «أستانا» الثلاثية، دورٌ كبير في تكريس «اللجنة الدستورية» كمدخل لإحياء «العملية السياسية» في جنيف، وهو ما تحاول باريس وبرلين، متقدمتين دول «المجموعة المصغّرة»، التركيز عليه عبر المشاركة في «الرباعية». ويتساوق هذا التنسيق بين فريقي «أستانا» و«المجموعة المصغرة»، مع ما أعلن المبعوث الأممي أنه يسعى إلى تحقيقه، عبر إنشاء «إطار» دولي يجمع جهود الجانبين ويرعى «التسوية السورية».
لن تكون روسيا مستعدة لفتح باب أوسع للتعاون مع «المجموعة المصغرة» بلا مقابل سياسي
وينطلق الحرص الأوروبي على مشاركة ضامني «أستانا» في إنجاز «اللجنة الدستورية» من باب أوسع، يفترض ضرورة وجود تمثيل سياسي للمناطق الخاضعة لسيطرة «التحالف الدولي» على طاولة التفاوض، ولا سيما حول الدستور، وهو ما تسعى باريس إلى إنجازه عبر «توحيد وتوسيع» تلك القوى بالاستفادة من غطاء أميركي اقتصادي وسياسي وعسكري. غير أن الجهد الأوروبي، والتعويل على تعاون أوسع، قد يصطدم بموقف روسيا، التي تصرّ على أن تبني منجزات «أستانا/ سوتشي»، بما في ذلك «اللجنة الدستورية» و«اتفاق إدلب»، يتضمن في ما يتضمنه دعم المحاور الأخرى للتعاون، وعلى رأسها دعم «إعادة الإعمار» وعودة اللاجئين. ويستند الموقف الروسي إلى وجود تعهدات، لم تنفّذ، من قِبَل الجانب الألماني مثلاً، بالبدء في استثمار أموال في قطاعات تدعم عودة اللاجئين إلى سوريا. على أن يكون هذا الاستثمار مقدمة لدعم أوسع في هذا المجال، بشكل (وفق التصور الروسي) يكسر العزلة التي تحاول واشنطن فرضها على دمشق. وبطبيعة الحال، فإن خضوع برلين للضغوط الأميركية، وعدم التزامها تنفيذ هذا التعهد خلال الفترة الماضية، سيزيد من تمسّك الجانب الروسي بموقفه، مدعوماً بمحصلة جهوده التي أثمرت توسيع نادي «مراقبي أستانا» لتشمل العراق ولبنان من جوار سوريا، إضافة إلى الأردن. ولن تكون روسيا مستعدة لفتح باب أوسع للتعاون واستثمار «المجموعة المصغرة» لمنجزات «أستانا» بلا مقابل سياسي من الأوروبيين، الذين باتوا «شريكاً»، يفترض أن يكون حاضراً في شرق الفرات بقوات «حفظ استقرار».