بعد فشل جولتي المفاوضات في مؤتمر «جنيف 2»، قررت الدول الراعية للجماعات السورية المعارضة العودة إلى الضغط على النظام عسكرياً، بهدف دفعه إلى تقديم تنازلات في الجولات المقبلة من المفاوضات.
وبعدما عبّرت الولايات المتحدة وحلفاؤها في الغرب عن الخشية من تعاظم نفوذ القوى المرتبطة بتنظيم «القاعدة» في سوريا، برزت في الآونة الأخيرة معلومات نشرتها وسائل الإعلام الأميركية عن موافقة واشنطن على تزويد المسلحين المعارضين بصواريخ «كاسرة للتوازن». وجرى الحديث خصوصاً عن صواريخ مضادة للطائرات محمولة على الكتف ستزود بها السعودية المجموعات السورية المعارضة. لكن الإدارة الأميركية سرعان ما نفت هذه المعلومات، مذكّرة بخشيتها من وقوع أسلحة كهذه بأيدي «القوى المتطرفة». الجديد في هذا الإطار ما كشفته صحيفة «واشنطن بوست» الأميركية أمس، من خلال حديثها عن «تصنيف موحّد» للمجموعات السورية المعارضة، ستضعه واشنطن وحلفاؤها الغربيون والعرب، لفصل المتطرفين عن المعتدلين، والتمكن من إيصال المساعدات إلى الفئة الثانية حصراً. ونقلت الصحيفة عن مسؤول عربي قوله «إن التصنيف سيُعدَّل دورياً وفق التغيرات في تحالفات المتمردين». وكشفت «واشنطن بوست» عن أن مسؤولين من دول عربية وأوروبية شاركوا في لقاءات جرت أخيراً لمناقشة هذه القضية، وتحدثوا عن «تغيّر جوهري» في الموقف الأميركي تجاه ما يجري في سوريا، بسبب «تزايد التصدعات في صفوف المتمردين، ما سمح بتقويم أوضح لمن يمكن اعتباره معتدلاً للحصول على المساعدة». وذكرت الصحيفة أيضاً وجود مخططات قيد الدرس لفتح طرق إمداد أقوى في الشمال عبر تركيا، مشيرة إلى أن من يُسمّون «المقاتلين المعتدلين يقاتلون كلاً من الجيش السوري والمقاتلين المتطرفين».
في موازاة ذلك، تستمر المعارك في حلب شمالاً، بين تنظيم «داعش» من جهة، وفصائل «الجبهة الإسلامية» و«جبهة النصرة»، حيث تدور اشتباكات عنيفة بين الطرفين في ماير ومعرستة وتلرفعت وكفر كلبين واعزاز، وصولاً إلى الحدود التركية. هذه المعارك التي لم تتوقّف منذ بدء الاقتتال بين الفصائل المعارضة في كانون الأول الماضي، عادت وارتفعت وتيرتها من جديد في اليومين الماضيين؛ إذ تكبّد فيها الطرفان عشرات القتلى والجرحى بحسب مصادر معارضة. في الوقت نفسه، خيّم الهدوء الحذر على محيط سجن حلب المركزي بعدما شنّ مسلحو «جبهة النصرة» و«الجبهة الإسلامية» هجوماً جديداً أول من أمس. ودفن ثلاثة من عناصر حماية السجن في مقبرة استحدثت منذ فترة بعد محاصرته. وكشف مصدر في الهلال الأحمر لـ«الأخبار» أن «تزويد السجن بالطعام توقف منذ بداية الأسبوع الماضي نتيجة المعارك، وتجري اتصالات لإعادة إدخال الوجبات الغذائية والخبز من جديد».
وفي المدينة القديمة في حلب، سُجِّل 11 جنديا في عداد المفقودين جراء تفجير كميات ضخمة من المتفجرات في أنفاق حفرت في المدينة القديمة تحت أبنية بالقرب من خان الشونة وفندق الكارلتون الذي استُهدف الأسبوع الفائت بتفجير أطنان من المتفجرات. وقال مصدر مطلع لـ«الأخبار» إن «الاشتباكات العنيفة والقنص المستمر يحولان دون إتمام رفع الانقاض وإجلاء المصابين في المدينة القديمة». وتواصلت الاشتباكات في محيط القلعة في المدينة القديمة، فيما أغار الطيران على ساحة حمد في منطقة العواميد.
في موازاة ذلك، شهدت خطوط التماس في المدينة الصناعية معارك عنيفة وقصف مركز ومحاولات من وحدات الجيش السوري للتقدم في اتجاه مبنى النافذة الواحدة القريب من قرية الشيخ نجار. من جهة ثانية، انحسرت هجمات جماعات «القاعدة» على مطار كويريس العسكري شرقي حلب بعد انسحاب تنظيم «داعش» من غرفة عمليات «لا تفرقوا» التي تشكلت من عدة جماعات تكفيرية لاقتحام المطار. وأكد مصدر عسكري لـ«الأخبار» أنه «تم إبعاد الجماعات المسلحة عن محيط المطار، وعادت حركة إقلاع وهبوط المروحيات فيه».
وفي السفيرة جنوبي شرقي حلب، صدّت وحدات من الجيش هجوماً للمسلحين في محور تلة الصبيحية وتلة الدوير، فيما دارت معارك عنيفة في محيط برج الرمان في الريف الجنوبي، حيث أعلنت «حركة أحرار الشام الإسلامية» سيطرتها على «حاجز السيرياتيل».
وفي ريف الحسكة، قتل 5 مسلّحين في المعارك الدائرة بين «داعش» والجماعات المقاتلة الأخرى في بلدة مركدة، فيما قتل ليل أول من أمس، 13 مقاتلاً من «داعش» في اشتباكات مع «جبهة النصرة» وكتائب أخرى في قرية الطريف في ريف دير الزور.
على صعيد آخر، تعالت أصوات الجماعات المعارضة ضد المصالحات التي جرت في مختلف المناطق في ريف العاصمة. واغتالت مجموعة مسلّحة أمس، رئيس لجنة المصالحة الوطنية في بلدة معضمية القلمون بإطلاق النار عليه، بحسب ما ذكرت وكالة «سانا» الإخبارية. من جهته، وتعليقاً على المصالحات، قال الناطق العسكري باسم «الجبهة الإسلامية» إسلام علوش أمس: «لا أستبعد أبداً أن تكون الهدنة التي عُقدت أخيراً بين قوات النظام والمعارضة وسيلة لإمرار عناصر من (داعش) إلى المناطق التي شملتها تلك الهدنة، إلى جانب عناصر من أجهزة استخبارات النظام لاختراق الثوار ودخول مناطق فشلت قواته في استعادتها منهم».
(الأخبار)




خطة سورية لإزالة «الكيميائي» خلال 100 يوم

قال دبلوماسيون، أمس، إنّ سوريا تقدمت بخطّة جديدة لإزالة أسلحتها الكيميائية خلال 100 يوم بعدما أخفقت في الالتزام بمهلة انقضت في الخامس من شباط، غير أنّ البعثة الدولية المشرفة على العملية ترى أن بالإمكان إنجاز المهمة في إطار زمني أضيق.
واجتمعت اللجنة التنفيذية لمنظمة حظر الأسلحة الكيميائية في لاهاي، أمس، لمناقشة عمل البعثة المشتركة للمنظمة والأمم المتحدة «من دون اتخاذ أي قرارات جديدة». وقال رئيس إدارة مكافحة الانتشار النووي في وزارة الخارجية البريطانية، فيليب هول، «إن خطة المئة يوم السورية التي تم إطلاعنا عليها ليست كافية». وأضاف: «نحث الآن السلطات السورية على قبول المقترحات التي قدمتها مجموعة التخطيط العملي والتي تتيح الإزالة في إطار زمني أقصر بكثير من دون قصور أمني». وقال دبلوماسي كبير في الأمم المتحدة، طلب عدم نشر اسمه، إنّ البعثة الدولية تعتقد أن بالإمكان تنفيذ العملية قبل آخر آذار، مشيراً إلى أن المهلة التي تقترح سوريا انتهاءها بنهاية أيار لن تدع متسعاً من الوقت لتدمير الأسلحة الكيميائية قبل آخر حزيران. وأحجمت منظمة حظر الأسلحة الكيميائية عن التعليق على الاقتراح السوري.
(أ ف ب، الأناضول)