قطعت الإمارات شوطاً كبيراً وسريعاً في تغيير أولوياتها في اليمن
في الموازاة، توقف عدد من السياسيين والإعلاميين المؤيدين لـ«الانتقالي» عن الترويج للمجلس، مطلقين دعوات إلى تقييم عمله، وهو ما بادر إليه مثلاً أحد مؤسّسيه، حسين لقور، قائلاً في تغريدة على «تويتر»: «الآن حان الوقت لكي يُقيَّم المجلس الانتقالي، ما عليه وما تحقق وما عجز عن تحقيقه». وبحسب معلومات «الأخبار»، تملك الرياض علاقات بقيادات «الانتقالي» منذ ما قبل الحرب، وعلى رأسهم رئيسه عيدروس الزبيدي، الذي جمعته بالجانب السعودي سلسلة لقاءات أول أيام الحرب، تمخض عنها تشكيل ما يسمى «المقاومة الجنوبية»، إضافة إلى نائبه هاني بن بريك، الذي عمل مع «اللجنة الخاصة السعودية» لسنوات في التعاون في مجال «مكافحة الإرهاب» في اليمن، قبل أن تتدخل الإمارات وتمدّ تلك القيادات بالمال والسلاح، وتؤطرهم في كيان سياسي. وانطلاقاً من ذلك، لا يستبعد محلّلون إمكانية استقطابهم مجدداً من قِبَل السعودية، وإشراكهم في مناصب قيادية ضمن حكومة هادي، وهو ما تُشتمّ رائحته من تسريبات سرت أخيراً عن تعديلات واسعة في تلك الحكومة. لكن مصادر مقربة من رئاسة هادي، نفت، في حديث إلى «الأخبار»، نيتها إشراك قيادات المجلس في الحكومة، ما لم تُسلَّم الأخيرة كل المؤسسات الواقعة تحت سيطرة «الانتقالي»، إضافة إلى دمج الميليشيات التابعة له بوزارتَي الدفاع والداخلية.
انطلاقاً مما تقدم، يبدو أن العهد الجديد في السعودية يسعى إلى إضعاف «الانتقالي» لمصلحة المكونات الأخرى الموالية للرياض، وعلى رأسها الائتلاف الذي يتزعمه رجل الأعمال صالح العيسي، إضافة إلى «المجلس الثوري»، خصوصاً في ظل ما يتسرّب عن مبادرات سلام تنصّ على تقاسم السلطة بين أربعة مكونات رئيسة هي: «أنصار الله» و«المؤتمر» و«الإصلاح» و«الحراك الجنوبي».
موقف أبو ظبي
قطعت أبو ظبي شوطاً كبيراً وسريعاً في تغيير أولوياتها في اليمن، بإيقافها معركة الساحل الغربي في الحديدة، وسحبها قواتها من هناك، وتجميعها أكبر قدر ممكن من القوات المحلية الأمنية والعسكرية، وإخضاعها لقيادة العميد طارق صالح، نجل شقيق الرئيس علي عبد الله صالح. أما الميليشيات الباقية والمؤسسات الإعلامية والقيادات السياسية، فخُفِّضَت - بحسب معلومات «الأخبار» - ميزانيتها الشهرية، إضافة إلى التأخير في دفع المستحقات، في مؤشر على إمكانية وقفها مستقبلاً.
ويعتقد القيادي السابق في «المجلس الانتقالي»، نبيل عبد الله، في حديث إلى «الأخبار»، أن «أي دعم إماراتي للانتقالي لا يتعلق بالانسحاب، فهناك دول إقليمية تدعم مكونات يمنية من دون أن يكون لها وجود»، مشيراً إلى أن «الانتقالي قد يستفيد من خروج الإمارات في حال استمرار الدعم، وذلك ليتحرر من القيود المفروضة عليه». ويرى أن «الانتقالي سينتهي إذا توقف دعم الإمارات»، مستدركاً بأنه «حتى وإن استمر الدعم، فإن الانتقالي لا مستقبل له إلا بالتحول إلى حزب سياسي أو حتى مكوّن يتسم بالعقلانية والواقعية».
هكذا، بعد قرابة خمس سنوات من المراوحة، فضّلت أبو ظبي الحفاظ على حصتها في اليمن عبر البوابة السياسية، فيما تستمر الرياض بخوض المعركة على مسارَي الحرب والسياسة، حتى تحقيق أكبر قدر من المكاسب قبل الجلوس إلى طاولة المفاوضات. وفي خضمّ هذه التحولات، يرى الناشط السياسي، أزال الجاوي، في تصريح إلى «الأخبار»، أن «المستقبل في الجنوب والشمال للمكونات السياسية التي اختارت مشروع مواجهة العدوان والتدخلات الخارجية»، معتبراً أن «مستقبل المكونات المرتبطة بالتحالف أصبح مجهولاً».