مع انسحاب مقاتلي «النخبة الشبوانية» الموالية للإمارات، أمس، من آخر معاقلها في منطقة بلحاف الساحلية في مديرية رضوم في محافظة شبوة، تكون المعركة في هذه المحافظة قد حُسمت بشكل كامل لصالح القوات الموالية للرئيس المنتهية ولايته، عبد ربه منصور هادي. حسمٌ لم يكن ممكناً لو لم تتدخل السعودية، خلافاً لما كان عليه موقفها في معركتَي عدن وأبين، وتلقي بكلّ ثقلها خلف حلفائها في شبوة، لصدّ هجوم التشكيلات التابعة لـ«المجلس الانتقالي الجنوبي»، على اعتبار أن المحافظة المذكورة، إلى جانب حضرموت والمهرة، تُعدّ مناطق نفوذ سعودي، وأي محاولة من قِبَل حلفاء الإمارات للسيطرة عليها ستكون تجاوزاً للخطوط السعودية الحمر.لكن مع ذلك، لا يبدو أن الرياض ستسمح للقوات التابعة لفريق «الشرعية» باستغلال انتصار شبوة من أجل التحرك صوب أبين وعدن واستعادة المواقع التي خسرتها هناك. وهذا ما تجلّى بوضوح في الاتفاق الذي أبرمته اللجنة السعودية - الإماراتية التي وصلت أمس إلى مدينة عتق، مركز شبوة، حيث دعت إلى وقف إطلاق النار، وامتناع قوات هادي عن اقتحام مدينتَي أبين وعدن، الأمر الذي أكده أيضاً بيان وزارة الدفاع في حكومة هادي، والذي دعا إلى «وقف إطلاق النار في شبوة وأبين وعدن استجابة للجنة المشتركة السعودية - الإماراتية». هكذا، يحاول التحالف تثبيت قواعد اشتباك جديدة بين الطرفين، قائمة على تقاسم مناطق النفوذ بين الرياض وأبو ظبي، ثم الذهاب إلى «مؤتمر جدة» الذي دعت إليه السعودية قبل أيام. وكرّر البيان المشترك الصادر ليل الأحد - الإثنين عن وزارتَي خارجية السعودية والإمارات التشديد على «سرعة الانخراط فيه»، والذي من المتوقع أن يسفر عن تشكيل حكومة مناصفة بين حلفاء كلّ من الدولتين.
لن تسمح الرياض لقوات هادي باستغلال انتصار شبوة من أجل التحرك صوب عدن


أفرزت الحرب الدائرة منذ أسبوعين بين «الانتقالي» وحكومة هادي واقعاً جديداً، وثبّتت حدود النفوذ على الخارطة الجنوبية، حيث ضمنت أبو ظبي من خلالها حصتها المتمثلة في السيطرة على مدينة عدن التي يمثل ميناؤها أحد أهم هواجس الإمارات، لكونه يُعدّ منافساً لميناء دبي، فضلاً عن سيطرتها على الممرّ الدولي المهم في باب المندب، والجزر الجنوبية المطلّة على البحر الأحمر والبحر العربي والمحيط الهندي والقرن الأفريقي. وفي المقابل، ضمنت الرياض السيطرة على المناطق الشرقية الغنية بالنفط والغاز، إضافة إلى محافظة المهرة المحاذية لسلطنة عمان، والتي حوّلتها السعودية إلى منطقة عسكرية، وشرعت في تدشين مشروع مدّ الأنابيب النفطية عبرها من أراضي المملكة إلى البحر العربي. والجدير ذكره، هنا، أن هذا المشروع كان حلماً سعودياً منذ عقود، وقد وجدت الرياض حالياً فرصتها الأمثل لتحقيقه، مستغلّة ظروف الحرب وهشاشة حكومة هادي.
في خلاصة المشهد، يبدو أنه لا غالب ولا مغلوب، فيما تتنازع مدنَ الجنوب الميليشيات الموالية لـ«التحالف»، ويُستخدم شبانها وقوداً لحروبٍ المستفيد منها طرف خارجي، ولا يظهر أن ثمة أملاً في عودة السلام إليها. إلا أنه، وفي خضمّ كل ذلك الاحتراب والعبث والفوضى، تبرز مكونات سياسية وشخصيات قبيلة وسياسية لتجدّد رفضها «الاحتلال الأجنبي للبلاد». وفي هذا الإطار، أعلنت تلك المكونات قرب تشكيل «مجلس إنقاذ وطني» لمواجهة سياسات «التحالف». ومن بين أبرز شخصيات المجلس زعيم الحراك الجنوبي حسن باعوم، والشيخ القبلي علي الحريزي، واللواءان أحمد قحطان وعوض محمد فريد. ووفقاً لبيان صادر عن الزعيم باعوم فإنه «خلال أيام، سيتم إشهار المجلس في إحدى المدن الجنوبية». ورفض البيان «التدخل الخارجي والاحتلال واقتطاع أي جزء من البلاد»، مشدداً على «ضرورة إنقاذ البلاد من حالة التشظي والتقسيم، والحفاظ على الثروة»، داعياً إلى «الشراكة الوطنية بين كل فئات ومكوّنات الشعب».
ويقول رئيس «اللجنة التحضيرية لمجلس الإنقاذ»، أزال الجاوي، في حديث إلى «الأخبار»، إن «المجلس عبارة عن جبهة عريضة تضمّ عشرات الشخصيات والمكوّنات السياسية، التي ترفض تحول مدن الجنوب إلى ساحة معركة لأطراف إقليميين بدماء الجنوبيين»، مضيفاً أن «المهمة تتمثل في إنقاذ البلاد عبر التخاطب مع أطراف الصراع (أنصار الله، حكومة هادي، المجلس الانتقالي)، والدول الإقليمية ذات العلاقة»، متابعاً أن «الجبهة تسعى لإنقاذ البلاد بكل الوسائل المشروعة».