كسر رئيس الوزراء العراقي، عادل عبد المهدي، «صمته» إزاء الاستهدافات التي طاولت عدداً من مقار «هيئة الحشد الشعبي» على مدى الشهرين الماضيين. ففي مقابلة بثت مقاطع منها قناة «الجزيرة» القطرية أمس، اتهم تل أبيب بالوقوف وراء «عدد» من الهجمات التي استهدفت «الحشد»، ليكون تصريحه أوّل اتهام مباشر يوجّهه العراق إلى إسرائيل التي حمّلها عبد المهدي المسؤولية المباشرة، بقوله إن «التحقيقات في استهداف بعض مواقع الحشد تشير إلى أن إسرائيل هي من فعلت ذلك».تصريحٌ، وللمفارقة، تزامن مع افتتاح معبر القائم ــــ البوكمال الحدودي، وما تحمله هذه الخطوة من دلالاتٍ سياسية تدفع بالعراق إلى حسم تموضعه السياسي ضمن الإقليم، وكذلك دوره المرجوّ في تقريب وجهات النظر بين الدول المتصارعة، أي المملكة السعودية والجمهورية الإسلامية في إيران. وسبق لبغداد طوال المدة الماضية أن حاولت «التملّص» من اتهام تل أبيب مفضّلةً «الصمت»، مع أن «الحشد» خرق هذا «الجدار»، عبر نائب رئيس الهيئة، أبو مهدي المهندس، الذي سارع منذ البداية إلى تحميل الولايات المتحدة وإسرائيل مسؤولية الهجمات بالطائرات المسيّرة على قواعد «الحشد» ومخازن سلاحه، بل قال إن «الولايات المتحدة هي من قدّمت الدعم الجويّ لتل أبيب». أما الأخيرة، فامتنعت أمس عن التعليق على اتهام عبد المهدي، علماً بأن رئيس وزرائها، بنيامين نتنياهو، لمّح مراراً خلال الشهرين الماضيين إلى ضلوع جيشه في ذلك، في حين سارعت وزارة الدفاع الأميركية «البنتاغون» (آنذاك) إلى نفي أي مشاركة لقواتها.
عبد المهدي: لا أحد يريد الحرب في المنطقة باستثناء إسرائيل


مصادر مقرّبة من عبد المهدي أوضحت، في حديث إلى «الأخبار»، أن تصريحات رئيس الحكومة «فتحت الباب واسعاً أمام خيارات عديدة لحفظ سيادة البلاد ومجالنا الجوّي»، مشيرةً إلى أن هذه «الخيارات متنوّعة بين الدبلوماسية والسياسية والعسكرية، إلى جانب جهد الكتل البرلمانية في إقرار قانون الحد من انتشار القوات الأجنبية في العراق، والعمل بالتوازي على بناء منظومة الدفاع الجوّي وتطويرها بعيداً عن ضغوطات واشنطن». وتتمسّك المصادر بتقديرٍ أوّلي يفيد بأن هذه الضربات، المتزامنة مع التصعيد الجاري في المنطقة، من شأن أي ردّ فعلٍ غير مدروس عليها «إشعال حربٍ دامية»، وقد أكّد ذلك عبد المهدي بالقول إن «هناك الكثير من المؤشرات على أنه لا أحد يريد وقوع الحرب في المنطقة باستثناء إسرائيل».
وبناءً على ذلك، كانت المبادرات العراقية الأخيرة تهدف إلى «تقريب وجهات النظر ومنع تدحرج الأمور»، وفق المصادر. كما عبّر عبد المهدي، أمس، عن أن «الذهاب إلى الحرب قد يحدث في أي لحظة وبقرارٍ منفرد، لكن الخروج منها سيكون صعباً وقاسياً»، مستدركاً: «يجب العمل على إبعاد شبح الحرب، لأن الدمار والأذى سيصيب الجميع».
في الموازاة، تطرّق رئيس الوزراء العراقي إلى زيارته الأخيرة للرياض، معرباً عن اعتقاده بأنها «تبحث عن السلام والتهدئة»، ومشيراً إلى أن «هناك استعداداً لتقديم تنازلات وفتح ملفات كانت مغلقة»، وهو ما تؤكده المصادر المقرّبة من الرجل، عندما تقول إن «السعودية تبحث عن مخرجٍ يحفظ ماء وجهها من الأزمة الراهنة». عبد المهدي قال في المقابلة نفسها إن «زيارته كانت من أجل التهدئة، وإن حل الأزمة في اليمن يمكن أن يشكّل مفتاحاً لحل أزمة الخليج»، مؤكّداً أن «جميع الدول المعنية بالأزمة في الخليج، ومن ضمنها أميركا، تتحدث عن المفاوضات، والسعودية وإيران مستعدتان للتفاوض». كما أوضح أن «الحديث عن كيفية صياغة نهايات لحل أزمة الخليج سيضعنا أمام طريق مسدود».
في هذا الإطار، تقول المصادر إن «هامشاً» ممنوحاً لعبد المهدي للتحرّك على خطّ تقريب وجهتي النظر، ليكون ذلك في المحصلة تكريساً لدور العراق في المنطقة، وتحوّله إلى «صمام أمان» بدلاً من «ساحة اشتباك أو انطلاق الشرارة الأولى للمواجهة الشاملة».