رغم الإجماع الفلسطيني على ضرورة الاحتكام إلى صندوق الاقتراع، للخروج من أزمات الانقسام المركّبة، إلا أن الدعوات التي تكرّرت خلال السنوات الماضية لإجراء الانتخابات من دون أن تجد سبيلها إلى التنفيذ أورثت الشارع قناعة بأن دعوة رئيس السلطة محمود عباس الأخيرة في هذا الإطار، ليست بعيدة عمّا سبقها، خصوصاً وأن جملة من العقبات ستقود في النهاية إلى تعطيلها. هذه العقبات تصدّرت أجندة اجتماع اللجنة التنفيذية لـ«منظمة التحرير» الذي حضره عباس يوم الخميس الماضي، حيث بلغ الأمر بعضو «التنفيذية»، وزير الشؤون الاجتماعية أحمد مجدلاني، أن اقترح على هامش الاجتماع، حسبما تكشفه مصادر مطلعة لـ«الأخبار»، الذهاب إلى انتخابات وفق النموذج القبرصي (تجري الانتخابات في قبرص اليونانية لكنها تُعدّ ممثِّلة لكلّ القبارصة)، بحيث تجري الانتخابات في الضفة الغربية لوحدها، باعتبارها «الانتخابات العامة التي تمثل الكلّ الفلسطيني»، ويُتجاهل قطاع غزة في العملية. ولا تزال حركة «حماس»، ومعها عددٌ من الفصائل، تصرّ على انعقاد الانتخابات الرئاسية والتشريعية بشكل متزامن، الأمر الذي يرفضه عباس. وهو رفضٌ كان مجدلاني برّره بأن الانتخابات المتزامنة ستقود إلى حدوث فراغ سياسي. وتخشى «حماس» من أن تستغلّ «فتح» نتائج الانتخابات التشريعية المقبلة لنزع الغطاء الشرعي عن حكم الحركة للقطاع، وأيضاً من أن يتهرّب رئيس السلطة من استحقاق عقد الانتخابات الرئاسية بعد إتمام الانتخابات التشريعية. كذلك، وفيما لا تمتلك الحركة أيّ ضمانات في شأن شعبيتها الحالية في الشارع الغزيّ، فإن الحضور «الحمساوي» في الضفة لا يمكن الركون إلى إمكانية تأثيره، في ظلّ شبه انعدام هامش الحرية لـ«الحمساويين» هناك بحكم الواقع الأمني. يضاف إلى ما تقدم أن الموقف الإسرائيلي من مشاركة القدس في الانتخابات التشريعية يمثل عقدة أخرى تعرقل عجلة الانتخابات، لاسيما في ظلّ تأكيد رئيس السلطة في وقت سابق أن الانتخابات لن تتمّ من دون مشاركة المقدسيين. ووفقاً لمجدلاني، فإن «هناك اتصالات تجري مع الاتحاد الأوروبي في شأن إجراء الانتخابات في القدس، خاصة أن هذا القرار لاقى ترحيباً ودعماً كبيرين من المجتمع الدولي».
من جهة أخرى، تحدث عباس، خلال اجتماع «التنفيذية» الأخير، عن علاقات السلطة بكلّ من الولايات المتحدة وإسرائيل، كاشفاً أن العلاقات الأمنية لا تزال على حالها مع الجانبين، أما على الصعيد السياسي، فلم يحدث أخيراً أيّ اجتماع أو اتصالات أو لقاءات. وفيما لم يُبدِ «أبو مازن» انطباعاً حول نتائج الانتخابات الإسرائيلية، لم يفته التأكيد على محاولته التأثير على سيرها، إذ قال في معرض حديثه عن هذه الجهود إنه استقبل وفداً من يهود «الفلاشا»، في إطار بحثهم عن يهودي إثيوبي تأسره «حماس»، وأكد للوفد الإسرائيلي أنه سيساعد في عمليات البحث عنه لإطلاق سراحه. وادّعى عباس، في تبريره استقبال الوفد الإسرائيلي، أن شريحة يهود «الفلاشا» كانت تعطي 80% من أصواتها لـ«الليكود»، لكن الانتخابات الأخيرة لم تسجّل إعطاء «الفلاشا» أكثر من 20% من أصواتها للحزب.