في المقابل، ينفي عضو «مجلس السيادة» السوداني، محمد عبد الله التعايشي، صحة بيان «الحركة الشعبية»، قائلاً إن ما ورد فيه أخبار «تهدف إلى تسميم أجواء التفاوض... الحكومة تتعامل مع السلام كقرار استراتيجي ومبدئي». ويؤكد التعايشي لـ«الأخبار» أن «العملية السلمية ستستمر، وليس لديّ تعليق على موقف الحركة الشعبية، فما حدث في جنوب كردفان صراع بين مجموعات أهلية، وهي منطقة لا توجد فيها أي قوة تابعة للجيش أو الدعم السريع»، مضيفاً أنهم سيُجرون تحقيقاً ويتخذون اللازم. وفي محاولة منها لترتيب الأوراق، أعلنت جوبا تأجيل المفاوضات 24 ساعة قد تكون كفيلة بتحديد مستقبل العملية السلمية برمّتها، في وقت أصدر فيه رئيس «مجلس السيادة»، عبد الفتاح البرهان، أمس، مرسوماً دستورياً بوقف إطلاق النار في كلّ أنحاء البلاد، وذلك بعد ساعات قليلة من بيان «الشعبية». وقال البرهان: «نعلن وقف النار على امتداد جمهورية السودان، وعلى الجبهات كافة، اعتباراً من تاريح صدور القرار».
علّقت جوبا المفاوضات 24 ساعة ريثما تهدأ الأوضاع وتتبيّن الوقائع
إزاء ذلك، يرى رئيس وفد الوساطة التابع لحكومة جنوب السودان، توت قلواك، أن ما حدث في جنوب كردفان «خروقات فردية لن تعطّل مسار التفاوض»، مشيراً إلى أن المباحثات المباشرة ستستمر مع «الجبهة الثورية» حالياً لحلّ المسائل الخاصة بملفّات السلطة والترتيبات الأمنية. من جهته، يجدّد مفوّض السلام في حكومة السودان، سليمان الدبيلو، دعم حكومته لمبادرة سلفاكير، لافتاً إلى أن الأطراف كلّها وافقت على أن تكون جوبا مقرّ المباحثات. ويقول الدبيلو لـ«الأخبار»: «يسودنا تفاؤل كبير في إمكانية التوصّل إلى اتفاق سلام في القريب العاجل». أما الاتحاد الأفريقي فيُبدي رغبته في تقديم الدعم لمباحثات جوبا، على رغم كلّ تلك التوترات. ويؤكد الممثل الخاص للاتحاد، جيرمايا كنقلسي مامابولو، لـ«الأخبار»، أن «الأفريقي» «سيدعم منبر جوبا للسلام... من أجل التوصل إلى صيغة اتفاق مُرضٍ للشعب السوداني الذي أرهقته الحرب الطويلة».
بدوره، يتوقّع الصحافي والمحلل السوداني، محمد أمين، عودة «الحركة الشعبية» إلى طاولة المفاوضات بعد اعتراف الحكومة بما حدث واعتذارها عنه، مذكِّراً بأن «تجربة المفاوضات تثبت أن المواقف التصعيدية التي تقوم بها الجماعات المتفاوضة تهدف في الغالب إلى تحقيق بعض المكاسب السياسية». ويلفت أمين إلى أن «الحركة الشعبية، جناح الحلو، من أقوى الحركات المسلحة، ولذلك انسحابها إضعاف لعملية السلام، لكن أتوقع عودتها... الاعتذار لا يُعدّ موقفاً كافياً من الحكومة التي يجب أن تحدد الجهة التي تقف وراء تلك الانتهاكات».